لِمَاذَا غَضَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ حَرُمَ لُبْسُ الذَّهَبِ لِلرِّجَال وَمَاذَا يَحْدُثُ عِنْدَ أَلْبَسَه ؟
إن شَرِيعَة اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَاءَت بِأَحْكَام تنطوي عَلَى مَصَالِحِ
الْعِبَادِ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُم لِأَنّها الشَّرِيعَة الْمُنَزَّلَةُ
مِنْ خَلْقِ هَذَا الْإِنْسَانُ الْعَالِمِ بِمَا يُصْلِحُه ويفسده فما مِنْ
شَيْءٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلا وله سَبَبًا فِي تَحْرِيمِه، عَرَفَهُ مِنْ
عَرَفَهُ وجهله من جهله، فالمُؤْمِنُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيم والإذعان لِأَحْكَام
اللَّهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى إيمَانِه بِاللَّهِ رَبًّا وإلَهَا، فَقَدْ
حَرِمَ الإسْلامُ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ وَأحل لبسه للنِّسَاءِ لِأَنَّ
الذَّهَبَ مِنْ الْزينة الَّتِي تَلَقَّب بالْمَرْأَةِ لا لِلرَّجُلِ فهوَ لَيْسَ
بِحَاجَةٍ إِلَى أَنْ يتزين وَهُوَ مَا يَتَنَافَى مَع الْفِطْرَة السَّلِيمَة .
لِمَاذَا غَضَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ حَرُمَ لُبْسُ الذَّهَبِ لِلرِّجَال وَمَاذَا يَحْدُثُ عِنْدَ أَلْبَسَه ؟ |
تحريم لبس الذهب للرجال:
اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَق الزَّوْجَيْنِ مِنْ ذِكْرِ وَأُنْثَى
وَجَعَلَ لكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَتَنَاسَب مَع الطَبِيعَة الوظيفية
الْمُوَكِّلَة إلَيْهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَأْتِي تَحْرِيمَ الذَّهَبِ
فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَإِنَّمَا جَاءَ تحذيره فِي السَّنَةِ النَّبَوِيَّةِ
الشَّرِيفَة وَحَرَّمُه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا
حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى، قال جل ذَكَرَهُ: ( وَمَا آتَاكُمْ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، و قَالَ
تَعَالَى:( مِنْ
يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاك
عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)، فقَد أَمْسَك النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قِطْعَةً ذَهَبٍ فِي يَدِهِ وَأَمْسك قَطَعَه حَرِير بِيَدِه الأخرى وَرَفَعَهَما،
وَقَالَ إنَّ هَذين حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حل لإناثهم، فَمَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَث حَرِيرًا وَلَا ذهبًا فمن
مَاتَ مِنْ أُمَّتي وهو يتَّحَلِّى بِالذَّهَبِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِباسَهُ
فِي الْجَنَّةِ، فَقَدْ جَاءَ وَفِي يَدِهِ جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ)، وَعَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ وطَرَحَهُ وَقَال: يَعْمَلُ
أَحَدُكُمْ إلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فيَجْعَلُهَا فِي يدهِ، فقيل لِلرَّجُلِ
بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خذ خَاتَمُكَ
إنتفع بِهِ، فَقَالَ: لَا وَاَللّهِ، لا أَخُذُه وَقد طَرحَه رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فهذه الأحاديث النَّبَوِيَّة تَؤكَّد عَلَى حُرْمَة
لبس الرِّجَال لِلذَّهَب، حَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ الْإِسْلَامِيَّة قَدْ مُنِعَ
التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ، ألا إنَّ ما حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حرم
اللَّهَ، وَقَدْ وَصَفَهُ النَّبِيّ بِجَمْرَة مِنْ النَّارِ يَلْبَسُهَا
الرَّجُلُ فِي يده،
السبب العلمي لتحريم لبس الذهب للرجال:
وَقَدْ أَثْبَتَت الدراسات
العِلْمِيَّةِ الَّتِي أَجْرَاهَا الْعُلَمَاءِ أَنَّ لِلذَّهَب تَأْثِير ضار
عَلَى كُرات الدَّم الْحَمْرَاء الْخَاصَّة بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ نظرا
لِوُجُودُ طَبَقَةً مِنْ الشَّحْم تَحْتَ الْجِلْدِ لَدَى النِّسَاءُ تُمْنَعُ
تِلْك الاشعاعات الَّتِي يُصْدِرُهَا معدن الذهب مِن التأثير عَلَيْهَا،
فالذَّهَبَ إذَا لَامس معْدَن آخَر تتسلل أو تُهَاجِر قَلِيلِ مِنْ الذَّرَات
مِنْهُ إلَى العُنْصُر الْمَلَامس لَهُ وَهَذَا يُحَدِّث خِلالَ فَتْرَةٍ
كَبِيرَة، وَلَمْ يَعْرِفْ أنْ ذَرَّاتِ الذَّهَب تتسلل مِنْ خِلَالِ جِلْدُ
الْإِنْسَانِ إلى الدَّمُ إلَا حَدِيثًا فَسُبْحَانَ اللَّهِ اُنْظُرْ إِلَى
حُكْمِة اللَّهِ مِنْ تَحْرِيمِ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ، فقَدْ يُؤَدِّي
الذَّهَبَ إلَى الْإِصَابَة بفقدان الذَّاكِرَة و مَرَضٌ جِلْدِي وَخَاصَّةً لَدَى
الرِّجَال فَقَدْ وُجِدَ أَنَّ كُلَّ الْمُصابِين بِمَرَض الْزهايْمِر
والشَّيْخُوخَة الَّتي يُفْقَدُ فِيهَا شَخْصٌ كُلَّ المُقَدَّرات الْعَقْلِيَّة والجسدية
وَيَعُود كَأَنَّه طِفْل لَيْسَت شَيْخوخةً عادية وإنما شيخوخةً مرضية، فلديهم
نَسَبَة عَالِيَةً مِنْ الذَّهَبِ فِي الدَّمِ وَالْبَوْلِ وَهُوَ مَا يُعْرَفُ
بِـ هِجْرَةُ الذهب حيث تَسْتَطِيع ذَرَّات الذَّهَب التَّسَلُّل إلَى دَمِ
الإِنْسانِ عَنْ طَرِيقِ الْجِلْدُ مما يؤدي إلى الإصابة بالمرض وَهجْرَة الذَّهَبِ فِهي مَعْرُوفة
بِالنِّسْبَة للفيزيائيين وَيَجِب الْإِشَارَةُ إلَى أَنْ نِسَاءً لَا تعاني مِنْ
هَذَا الْمَوْضُوعُ لأن أي ذرات مضرةٍ
تخْرُج شَهْرِيًا مِنْ جِسْمٍ الْمَرْأَةُ مَعَ الْحَيْضِ وَهَذَا ما يثبت
الْفَائِدَة الْعَظِيمَةِ مِنْ تَحْرِيمِ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ، فسُبْحَانَ
اللَّهِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ شَيْئًا إلَّا لَهُ سَبَبٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى
نِعَمِةِ الْإِسْلَامِ، هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ
وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ
أَجْمَعِينَ.
تعليقات