مَاذَا
يَحْدُثُ لِلْإِنْسَانِ عِنْدَ زَوَاج الْأُخُوَّةِ مِنْ الرَّضَاعَةِ ؟ و
لِمَاذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى زَوَاجَهُمَا ؟
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ
وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي
أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ)، و يَقُولَ
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَحْرِمُ مِنْ
الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) فلِمَاذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَ
رَسُولُهُ الْكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَاج الْأُخُوَّةِ مِنْ
الرَّضَاعَةِ؟ و مَاذَا اِكْتَشَف الْعِلْمِ الْحَدِيثِ من خطورة ذَلِكَ
الْأَمْرِ؟
زَوَاج الْأُخُوَّةُ فِي الرَّضَاعَةِ أَمْرِ مُحَرَّمٍ شَرْعًا كَحُرْمَة
زَوَاج الْأَخُ الشَّقِيقُ مِنْ أُخْتِهِ، وَيجب عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّهُ
مَا مِنْ أمْرٍ حَرَّمَةً اللَّهُ تَعَالَى أَوْ أوجبه إلا و مِنْ وَرَائِهِ
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ عِلْمِهَا مِنْ عَلِمَهَا وَجَهِلَهَا مَنْ جَهِلَهَا،
فَالطِّفْل الَّذِي يَرْضَع مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرُ أُمِّهِ يُصْبِح مُحْرِمًا
عَلَيْهَا كَذَلِكَ عَلِيّ بناتها اللَّوَاتِي رَضَعنَ مَعَه أَيْ كَأَنَّهُ
ابنائها وَبَنَاتُهَا كَأنَهُنَ أخواته، فَقَدْ وُجِدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَلِيب
الْأُمّ الْمُرْضِعَة يَحْتَوِي عَلَى جُسَيْمَات مناعية فِي جسم الرَّضِيعِ بَعْد
إرضَاعَ الطِّفْلِ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى خَمْسٍ مَرَّاتٍ، وَهَذِهِ هِيَ الجَرَعَة
الْمَطْلُوبَة لِتَكُون الْأَجْسَام المناعية فِي جِسْمٍ الإِنْسانِ حَتَّى فِي
حَيَوَانَات التَّجَارِب المولودة حَدِيثًا وَاَلَّتِي لَمْ يَكْتَمِل نُمُوّ
الْجِهَاز المناعي عِنْدَهَا وَبِذَلِك فَإِن الطِّفْلِ الرَّضِيعِ يكْتسب بَعْضَ
الصِّفَاتِ الوراثية الْخَاصَّة بالمناعة النَّاتِجَة عَن الْحَلِيب فيكُون
مُشَابَهَة ل لِأُخْتِه أَوْ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ
الوراثية والتي قد تَنْتَقِلُ فِي
النَّسلِ الْجَدِيدَ و تندمج مَع جيناته الَّتِي تَقْبَلُ كُلُّ مَا هُوَ هَذَا
يَعْنِي أَنَّ الزَّوَاجَ بَيْنَ الإِخْوَةِ بالرضاعة يَشْمَل مَخاطِر تشْبه
الْمَخَاطِر النَّاتِجَةِ عَنِ زَوَاج الْأَقَارِب بالدم، لِذَلِك يَحْرُم زَوَاج
الْإِخْوَة بالرضاعة لِأَنَّهُم يملكون نَفْس الصِّفَات الوراثية، وَهَذَا قَدْ
يُؤَدِّي إلَى أَمْرَاض خَطِيرَةٌ لِذَلِك نَجِد الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَرَّمَ زَوَاج الْإِخْوَة بالرضاعة قَبْل 14 قرنا، وإن الإخوة
مِنْ الرَّضَاعة لما تغَذوا من لبنٍ وَاحِد نبت مِنْه لحمهم وَنُشِرَ مِنْه
عظَمُهُم، وَصَاروا مِثْل الْأُخُوَّةِ مِنْ النَّسَبِ الَّذِينَ هُمْ كأَعْضَاء
الجسد الوَاحِد والصِلَة بَيْنَهُمْ فِطَرِيهِ و لَا يَشْتَهِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا
لِأَنَّ عَاطِفَة الأخوة هي الْمَسْتولِيَّة عَلَى النَّفْسِ، حَيْثُ لَا يَبْقَى لسواها
مَوْضُوعٌ عَنْ ذَوِي فِطْر السلِيمَة، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بنت حَمْزَةَ:( لَا تَحِلُّ لِي يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ
مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ فَهِيَ بِنْتُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ والرَّضَاعَة
تُحَرِّمُ مَا تَحْرُم الْوِلَادَة)، رَضِيتُ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لِي وَفَوَّضْت
أَمْرِي إلَى خَالِقِي، كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ فِيمَا مَضَى كَذَلِك يُحْسِن
فِيمَا بقي، هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ
وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
تعليقات