القائمة الرئيسية

الصفحات

الصَّحَابِيِّ الَّذِي مَاتَ بِسَبَبٍ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون ؟


الصَّحَابِيِّ الَّذِي مَاتَ بِسَبَبٍ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ" وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون" ؟


 ذَكَرْت العَدِيدِ مِنَ الْقِصَصِ تَتَحَدّث عَن مُعْجِزَات الْقُرْآن للْإِيمَان بِهَ، وَمَنْ ضَمِنَ هَذِهِ الْقِصَصِ قِصَّة لأعَرَابِيَّ كَان يَسْتَمِع لأَوَّلِ مَرَّةٍ لِلْآيَة الْقُرْآنِيَّة :(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمِ)، تعالو نَتَعَرّف مَاذَا حَدَثَ لِهَذَا الْأعَرَابِيّ ؟

فِي الْبِدَايَةِ ستحدث عَنْ الْقِصَّةِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فَعَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ:

أَقْبَلْت ذات يَوْمٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بالبصرة فبينما أَنَا فِي بَعْضِ سكَكهَا إذَا طَلَعَ أعَرَابِيَّ عَلِيّ قاعود اللَّه مُتَقَلِّدًا سَيْفه وَبِيَدِه قَوْس فَدَنَا وَسَلَّمَ وقَالَ لي مَنْ رَجُلٍ؟  قُلْتُ مَنْ بَنِي الْأُصْمعُ، قال: أنت الأصمعي، قلت: نعم، قَال: ومِنْ أَيْنَ أَقْبِلْت؟ قُلْت: مَنْ مَوْضع يتلى فِيهِ كَلَامٌ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ولِلرَّحْمَن كَلَام يتلوه الأدميون؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: إتلوا علِي شَيْئًا مِنْه، فَقُلْت لَهُ: أَنْزَل عن قعودك فنزِل مِنْ عَلَى نَاقَتِهِ وَابْتِدَأت بسُورَةِ الذَّارِيَات فَلَمَّا أَنْتهيت إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون) قَالَ: يَا اصمَعِي هَذَا كَلَامُ الرَّحْمَنِ، قُلْت؛ أي والَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ إنَّهُ لِكَلِومَه أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لي: حسبك، ثُمَّ قَامَ إلَى نَاقَتُهُ فنَحَرَهَا وَقَطَعَهَا بِجِلْدِهَا وَقَالَ أَعْنِي عَلَى تَفرِّقِهَا ففَرَّقْنَاها عَلَى مَنْ أَقْبَلَ وَأَدْبِرْ، ثُمَّ عَمِد إلَى سَيْفِهِ وَقُوَّسه فكَسَرَهُما  وجَعَلَهُما تَحْتَ الرَّحْل وَولَا مدبر نَحْو الْبَادِيَة وَهُوَ يَقُولُ: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون)، ظَلَّ هَذَا الرَّجُلُ مُؤْمِنًا فَقَدْ بَانَ اللَّهَ هُوَ مِنْ سِيَرْزُقَه وتأكد بِالْفِعْلِ إنْ هَذِهِ الْآيَةِ نَزَلَتْ فِي مَحَلِّهَا وَأَنْ الْقُرْآنَ الْكَرِيمِ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا حَقُّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ فَضِيلَة الشَّيْخُ مُحَمَّدُ مُتَوَلِّي الشَّعْرَاوِيّ قَالَ: إنْ الْأعَرَابِيَّ قَام بِجَمْع  أَدَوَات الصَّيْد الَّتِي كَانَتْ مَعَه وَاَلَّتِي كَان يصطاد مِنْهَا طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فكَسْرِهَا وَقَال مَادام رِزْقِيَ فِي السَّمَاءِ وَاَللّهِ لَا يَكْذِبُ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَنَه خَرَجْ فِي مرْةِ مَع هَارُونُ الرَّشِيدُ فَلَقِيت هَذَا الْأعَرَابِيَّ لَكِنَّهُ كَانَ هَذِهِ الْمَرَّةِ نَحِيف مُصْفَّر اللَوْن، فَقُلْتُ لَهُ: ألست فلانا، قَالَ: ألست الْأَصْمَعِيُّ، قُلْت: نَعَمْ، لَكِنْ مَا الَّذِي سَيَّراك إلَى هَذَا، فَقَالَ: اقْرَأْ عَلَى مَا قَرَأْته سَابِقًا فَقَرَأْت عَلَيْهِ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:( فَوَرَبّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)، فتعجب و قَالَ: وَمَنْ أَغْضَب الْجَلِيل حَتَّى أَلْجَأَهُ أَنْ يَقْسِمَ وَظِلّ يُرَدِّدُهَا فما انْتَهَى مِنْ الثَّالِثَةِ حَتَّى فاضت روحه معها، هَذِه الْحِكَاية عَظِيمَةٌ فِي إحْسَانِ الظَّنَّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَلِكَ فِي حُسْنِ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُما أَمْران مُهِمّان مِنْ إسْتِقْرَارِ فِي قَلْبِه ذَاق حَلَاوَة الْيَقِين وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ وَهُدُوء الْجَوَارِح وَرَاحَة الْبَال واستكانة النَّفْس، اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا حُسْنَ ظَنٍّ بِك كَبِيرٌ لَا يَقْترب منه لَاشك ولا سَائمِ وَلَا مَلَلٍ وَجَعَلْنَا دَائِمًا مِنْ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ حَقّ التَّوَكُّل بَقِينٍ عَظِيم و عَلَّق قُلُوبِنَا اللَّهُمَّ بِك وَجَعَلْنَا اليك أقرب، بَعْد قَصْة هَذَا الْأعَرَابِيّ قيل لِشَخْص يُدْعَى أَبِي أَسيَدَ مِنْ أَيْنَ تَأْكُلُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَ قَيلَ حَاتِمٌ الْأَصَمِّ: مِنْ أَيْنَ تأكل؟ فقَال: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَنْ اللَّهَ يَنْزِلُ لَك دنانير ودراهم مِنْ السَّمَاءِ، فَقَالَ: كَأنَ مَالُهُ إلَى السَّمَاءِ يَا هَذَا الْأَرْضِ له وَالسَّمَاءِ له، فإن لم يؤتني رزقي مِنَ السَّمَاءِ ساقه لِي مَن الْأَرْض، وَأَنْشَد وَكيف أَخَاف الْفَقْرَ وَاَللَّهُ رَازِقي وَرازق هَذَا الْخَلْقَ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرَى وَتَكَفَّل بِالْأَرْزَاق للخَلْقِ كُلِّهم، وَ لِلضبّ فِي الْبَيْدَاء وَالْحُوت فِي الْبَحْرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَى وَأَعْلَم.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع