ثَلَاثَةٌ يَقْبَلُ اللَّهُ دُعَائِهِم فِي حَالِ و أَقْسَم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اللَّهَ سيستجاب لِدَعْوَاهُم تَعَرّف عَلَيْهِم!!
انْتَشَرَ فِي الآونة الْأَخِيرَةِ
أَنَّ دَعْوَةَ أَرْبَعِين شَخْصًا غرِيبًا مُسْتَجَابَةٌ، فَهَلْ هَذَا
الْكَلَامِ صَحِيحٌ؟ ولماذا الْأَرْبَعُون شَخْصًا بِالتَحْدِيد؟ وَمَنْ الَّذِي
تَسْتَجاب لَهُمْ دَعْوَتهم؟
ثَلَاثَةٌ يَقْبَلُ اللَّهُ دُعَائِهِم فِي حَالِ و أَقْسَم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اللَّهَ سيستجاب لِدَعْوَاهُم تَعَرّف عَلَيْهِم!! |
كون دَعْوَة أَرْبَعِين شَخْصًا
مُسْتَجَابَةٌ لَا نَعْلَمُ لَهَا أَصْلًا وَلَمْ تَثْبُتْ فِي السَّنَةِ
النَّبَوِيَّةِ الْمَطْهَرَة، وَلَكِن ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ
هُناك مَنّ يُسْتَجَاب دُعَائِهِم، كَالِمَسافر والوالد الْمَظْلُوم، قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ثَلَاثَ
دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاشك فِيهِنّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ
الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ)، حَيْثُ بُعِثَ
الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: وَاتَّقِي
دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ،
فثلاثة لا ترد دَعْوَتُهُم الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلِ
وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الغمام ويفْتَح لَهَا
أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ يَقُولُ الرَّبُّ: "وعزتي
لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ"، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَعَهَّد
بِالِاسْتِجَابَة لِمَنْ دَعَاهُ فَقَالَ:( وَقَالَ
رَبُّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وَعنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ:(
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ عَبْدِ
مُسْلِمٌ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلَّا قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّل
بِهِ آمِينَ وَلَك بِمِثْلِ)، فيتميز سُلُوك الْمُسْلِمِ عن غيره بأَنَّهُ يُحِبُّ الْخَيْر لإخْوَانِهِ
الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُحِبُّه لِنَفْسِه، مِصْدَاقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا
يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) وَقَدْ حَسَّنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ لِلْغَيْر وَهُوَ غَائِبٌ غَيْرِ حَاضِرٍ هَذِهِ
الصُّورَةِ الرَّائِعَةِ الَّتِي يشجعون بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ تَتَضَمَّن وَعْدًا بِأَنَّ الْخَيْرَ
الَّذِي ستدعوا به لَنْ يُصَلِّ إلَى الْمَدْعُوُّ لَهُ فَقَطْ وَإِنَّمَا ستناله
أَنْتَ أَيْضًا، لأَنَّ اللَّهَ الَّذِي أَرْسَلَ الْمَلِكَ ليَقُولُ أَمين،
أَرْسَلَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِجَابَة كِمَا أَن الْمَلِكَ يَقُولُ بِيَقِين
وَلَك بِمِثْلِه، فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِتَحَقُّق
الْإِجَابَة، فصار أَدَاءِ هَذِهِ السنة الجَمِيلَة نَافِع لِلطَّرَفَيْن
الدَّاعِي والمدعو لَه واكدت الصَّحَابِيَّة الْجَلِيلَة أُمِّ الدَّرْدَاءِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِزَوْج ابْنَتِهَا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ
أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ مُسْتَجَابَةُ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (قَدمت الشام فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ ووجدت أُمِّ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا فقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ هَذَا الْعَامِ؟ فَقلت:نعم، قَالَت
فَدعوْا اللَّهُ لَنَا بِخَيْرًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ دَعُوة الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ
الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكِّلِ كُلَّمَا دَعَا
لِأَخِيهِ بخيرا، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّل بِهِ آمِينَ وَلَك بِمِثْلِه)،وكان بعض السلف
إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوا لِنَفْسِهِ يَدْعُو لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ بتِلْكَ
الدَّعْوَةُ لِأَنَّهَا تسْتِجَاب وَيَحْصُلُ لَهُ بمِثْلِهَا، و عَنْ أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا قَالَتْ:( لَمَّا رَأَيْت
مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَيَّبَ نَفْسٍ قُلْت يَا
رَسُولَ اللَّهِ اُدْعُوا اللَّهَ لي، فَقَالَ: اللّهُمّ اغْفِرْ
لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَ وَمَا تَأَخَّرَ مَا أَسْرَّتُ وَمَا
أَعْلَنْتُ فَضَحِكَت عَائِشَةَ حَتَّى سَقَطَ رَأْسَهَا فِي حِجْرِهَا مَنْ
الضَّحِكِ، قَالَ لها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيسرك دُعَائِي،
فَقَالَت: ومالِي لا يَسُرُّنِي دُعَائِكَ، فَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاَللَّهُ إنّهَا لدعوتي لِأُمَّتِي فِي كُلِّ
صَلَاةٍ)، وَ مَا
مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ
إلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إحَدى ثلاث أَمَّا أَنْ تُعَجل لَهُ دَعْوَتُهُ،
وَأَمَّا إنْ يَدْخِرها له فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا إنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ
السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إذَا نُكَثِّر، قَالَ: اللَّهُ
أَكْثَرَ، فَعَلَيْنَا أَن نُطَبِق هَذِهِ السَّنَةِ الرَّائِعَة وَنَدْعُو
لِإِخْوَانِنَا بِإِخْلَاص حَتَّى يَسْتَجِيبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لدُعَائِنَا
فَيَخْرُج إخْوَانِنَا مِنْ أزماتهم و يَتَحَقَّق لَنَا مِنْ الْخَيْرِ مَثَلُ
الَّذِي دعونَا به لَهُمْ هَذَا
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات