مَا حَكَمَ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ ؟
الصَّلَاةِ هِيَ عِمَادُ الدِّينِ، و هِيَ أَهَمُّ مِنْ أَرْكَانِ
الْإِسْلَامِ، فَقَد نَبَّهْنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَذَّر مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ؟
وَهِيَ أَوَّلُ مَا نُسْأَلُ عَلَيْهِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِنَا، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:( أَنَّ أَوَّلَ
مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ
صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وأنْجح و إِنْ فُسَدَت فَقَد خَابَ وخَسِر فَإِن
إِنْتَقَص مِنْ فَرِيضَةٍ شَيْئًا قَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: اُنْظُرُوا هَلْ
لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا إنْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ
ثُمَّ يَكُونُ سَائِر عَمَلِه عَلَى ذَلِكَ) .
حُكْمُ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ:
مِنْ الْأَفْضَلِ أنْ نُصلِي الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا، وَلَا يَحِلُّ أَنْ نُأَخَّرَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا،
فَإِن أَخَّرْنَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِدُونِ عُذْرٍ هِيَ صَلَاةُ بَاطِلَةٍ
وَغَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَلَوْ صُلِيَّت أَلْفَ مَرَّةٍ، أَمَّا تَأْخِيرُ صَلَاةِ
الْعِشَاءِ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ
لَيْلِية وقَدْ ذَهَبَ عامة اللَّيْلِ فَقَالَ:( إنَّهُ
لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي )، وَيَمْتَدُّ
وَقْتُ صَلَاة الْعِشَاءِ مِنْ زَوَالِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ إلَى مُنْتَصَفِ
اللَّيْلِ وَهَذَا هُوَ وَقْتُهَا وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ صَلَاةِ
الْعِشَاءِ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ، فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:( وَوَقْتُ
صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ)، و يُعْرَف
نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ بِأَنْ يُقَسَّمَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْغُرُوب
وَطُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى قِسْمَيْنِ سَيَكُون نِهَايَةٌ وَقْتِ صَلَاةٍ
الْعِشَاءِ.
وَصَلَاة الرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ
جَمَاعَةً وَاجِبَةٌ كَمَا وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، فقال الرَّسُولِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ
لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ)، كَمَا أَنَّ تَأْخِيرَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي
الْبَيْتِ مُسْتَحَبٌّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِيع الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْضُرَ صَلَاةَ
الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فِيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ
إلَى مَا بَعْدَ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنْ اللَّيْلِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي
رَوَاهُ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ:( كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُبَالِي بَعْض تَأْخِيرُ صَلَاةِ
الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَكَانَ لَا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَلَا
الْحَدِيث بَعْدَهَا، قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُه مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ
أَوْ ثُلُثٍ اللَّيْلِ) وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى تَأْخِيرِ
صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ.
تعليقات