الْمَرْأَةِ الَّتِي سَمَمْت الطَعَام وقَدَّمْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَهُ نَطَق الطَّعَام
بَعْدَ أَنْ بَدَأَ سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ بِالدَّعْوَة إلى الْإِسْلَام تَعَرَّضِ لِمُحَاوَلَات لقتلُه والغدر به
فِي عِدَّةِ مُنَاسِبَاتٌ، كانَ أوُلُهَا عِنْدَما حاول سادة قريش قتله عِنْدَ
هجرته مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ، وبَعْدِهَا محاولته سِحْرِه مِنْ سَحَرِةِ
بَنِي قَرِيدة، وَلَكِن أَقْرَب تِلْك المحاولات للنجاح كانت محَاولَة تسميم
النّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَذَلِكَ مِنْ قِبَلِ إمرأة من يَهودَ
بني خَيْبَرَ، فكيف استطاع الْمُشْرِكُون جعل النَّبِيّ يأْكُلُ الطَّعَامِ
الْمَسْمُوم وَخَدَعوه؟ وماذا حدث لجَسَدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ السمِ وَهل كان سبابًا في مرضه قبل وَفَاتِهِ؟
الْمَرْأَةِ الَّتِي سَمَمْت الطَعَام وقَدَّمْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَهُ نَطَق الطَّعَام |
بَعْدَ أَنْ بَدَأَ الْإِسْلَامُ
بالإنتشار بين القبائل وإزداد عدد الْمُسْلِمِينَ وَ قُوتهُمْ إزداد كره أعدائهم
من بني خيبر وَقُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ لِلْمُسْلِمِين، وبدأوا يكيدون بهم ويرسمون
الخطط لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ، فكان لابد للمسلمين أن يدافعوا عن أَنفُسِهِمْ
ويثبتوا لأعدائهم انهم ليسوا لقمة سائغة، فقاموا بغزوة خَيْبَر ونصرهم اللَّهُ
تَعَالَى عَلَى الْمُشْرِكِينَ وأعزهم فدخل لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ وَأَصْحَابَهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ فَتْحِهَا، وَلَكِنَّ يهود خيبر
كَانَ لَهُمْ خطة خَبَيثة أخَرى للإيقاع بالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ، وَكَانَ بَيْنَهُم امْرَأَةٍ تَدَّعِي (زَيْنَبَ ابِنْة
الْحَارِثِ)،
وَكَانَت أشدهم كُرَهًا للنَّبِيّ وَحَقدا
عَلَيْهِ وخاصة بَعْدَ أَنْ توفي زوجها وابن عمها بغزوة خَيْبَر وهم يحاربون
الْمُسْلِمِينَ، فأمضت وقتهَا وَهِيَ تَضَع خَطِّةٍ خَبِيثَة لِلْقَضَاءِ عَلَى
النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وتسميمه، فجعلت تسأل النَّاس أي
أجزَاء الشَّاة أحبّ إلى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فعلمت
أَنَّهُ يُحِبُّ أَكَل الذرَاعِ مِن الشَّاة فَمَا كَانَ مِنْهَا إلَّا أن عمدت
إلى شاة عندها فذبحتها وطهتها حَتَّى أَصْبَحَ مَنْظَرِهَا جَمِيلا يَشْتَهِيه
كُلٍّ مِنْ يَرَاهُ، ثم قامت تلك الخبيثة بحشو تلك الشاة بالسم وأكثرت من السم
بالذراع، ثم ذهبت تبحث عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فوصلت
إلى أمام مرحاله وَجَلَسَت
تنَتظَرُه، فلمَا غَابَتْ الشَّمْسُ
رَجَعَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى بَيْتِه مَعَ بَعْضِ
أصحَابَه فوجدها تنتظره وأمامها الشاة المطهوه، فتعجب النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قال لها ما هذا؟ فقَالَتْ هدية من زَيْنَبُ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ أبا القاسم، وكَانَت مِنْ الْمَعْرُوفِ عنْ النَّبِيَّ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ يُقْبَلُ الهدية ويرد الصَّدَقَة، فقبلها مِنْهَا
ودعي من كَانَ معه مِنْ الصَّحَابَةِ ليقاسمهم فِيهَا، فجلسوا حَوْلَهَا وَبَدَأوا يَأْكُلُون مِنْهَا وَقْسم الصَّحَابَة الذرَاع
للنَّبِيِّ لِعلمهُم بِحُبِّه لَهَا، فتناول الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ الذرَّاعَ وَتَنَاوَلَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ لحْمَا وأنهش منه
نهشا، فلما إزدرد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْلَتَهُ
إزدرد بشر فقَالَ الرَّسُولُ كفوا أيديكم
فإنْ هَذِهِ الذرَّاعَ تُخْبِرُنِي أَنّهَا مسمومة، فقال بشر ابن البراء
والذي أكرمك لقد وجدت ذلك في أكلتي الذي أكلت، فإن منعني أني ألفظها إلا أني كرهت
أن أنغص طعامك، فَلَمْ أَكلت ما في فيك لم
أَرْغَب بنَفْسِي عَنْ نَفْسِك، أي أن الصَّحَابِيَّ بِشْرُ بْنُ
الْبَرَاءِ وجود طَعْمٍا غَرِيبا بالشاة، وَلَكِنَّه عِنْدَمَا وَجَد أَنَّ
الرَّسُولَ قِد بلع ما في فمه أقبل عليه كي لا ينغص عَلَى رَسُولِ طعامه، ويقال أن الْبَرَاءِ بْنِ
بِشْرٍ لَم يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَكَانِهِ لِشِدَّةِ مَا حَدَثَ بِه واكفهر
وَجْهَهُ وَانْتَشَر الْسِم فِي جَسَده، فأمر النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ الصَّحَابَةِ أَنَّ يأتونه بِزَيْنَبِ، فَقَالَ لَهَا هل سممت الذِرَاعِ؟ فَقَالَتْ وَمَن أَخْبرُك، قَالَ
الذراع أخبرتني، فقالت نعم سممتها، فقال لها
و مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ فقَالَت زينب قَتَلْتُ ابْنَ عَمِّي وَجوزي
ونلت من قومي ما نلت فقلت فِي نَفْسِي إن كان نبيا فستخبره الشاة ما صنعت وإن كان
ملكا إسترحنا منه، وهنالك روايتين في أمر عقابها:
●
الْأَوْلَى أَنْ نَبِيَّ قَدْ عَفَا وصفح عنهَا.
●
والأخرى إنْ
الْبَرَاءَ ابن بشر قَدْ مَاتَ مَسْمُومًا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ تَقْتُلَ زَيْنَب قَصَصًا له.
وإحتجم الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ كتفه فِي ذَلِكَ
الْيَوْمِ، وأمر كلَ مِنْ أَكَلَ مِنْ الشَّاةِ بالِاحْتِجَام لعل الدم المسموم يخرج من جسده وكان رسول الله
بعدها كلمَا سافر أحس بتعب يعَمْدَ إلى الإحتجام، وهكذا أَنْجى اللَّهُ تَعَالَى
نَبِيَّهُ مِنْ السَّم بِمُعْجِزَة إلَاهيه، وأخذى تلك اللعينة زَيْنَبَ بِنْتِ الْحَارِثِ، وتوفي الرَّسُولِ
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْد
تلك الحادثة بثلاثة سَنَوَات وَمِنْ
الْعُلَمَاءِ مِنْ يَقُولُ إنَّ حَادَثَة السُّمْ قَد أَثَّرَت عَلَى جَسَدِ
النَّبِيِّ وكانت سببا من أسباب مرضه الأخير والعلم عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
تعليقات