دُعَاءَ مَنْ قَالَهُ سَبْعًا كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّه مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ احْذَرْ أَنْ تُحْرِمَ نَفْسِك مِنْهُ !
لَقَدْ أُخْبِرْنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعديد مِنْ الْأَدْعِيَةِ الْعَظِيمَة الْمُبَارَكَة الَّتِي
نَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا عَامَّةٌ وَ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ
اللَّيْلِ خَاصَّةً ذَلِكَ الْوَقْتِ الْعَظِيمُ الَّذِي يَتَنَزَّلُ فِيهِ رَبُّ
الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ نُزُولًا يَلِيق بِكَمَالِه وَجَلَالَة وَعَظَمَتِه ليستجيب
دَعَوَات عِبَادَة وَقَدْ خَصَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ دَعَوَات عَظِيمَةٌ مُبَارَكَة مَنْ قَالَهَا تَكْفِيه مَنْ هُمْ
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَتُجْعَل الْمَلائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ
يَكْتُبُونَ لَهُ أَجْرًا عَظِيمًا فَهَيَّأ لنتعرف عَلَى هَذِهِ الْأَدْعِيَةَ.
![]() |
دعاء من قاله سبعا كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والأخرة .. إحذر ان تحرم نفسك منه !؟
وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ مَرْفُوعًا وَأَبُو
دَاوُد مَوْقُوفًا بِلَفْظِ مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي (حسبي اللَّهِ لَا
إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ العظيم) ، مَنْ قَالَهَا
سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّه مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ صَحَّح إِسْنَاده شُعَيْب الارناؤوط فِي تَحْقِيقِ زَادِ الْمَعَادِ
، وَأَمَّا قَوْلُ "حسبي اللَّهُ وَنِعْمَ الوكيل" فَقَدْ وَرَدَ
فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ نَبَوِيَّةٍ شَرِيفَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ
رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي غَيْرِهِ فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ( كَانَ آخِرُ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ حِين أُلْقِيَ فِي
النَّارِ حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الوكيل) رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ ، وَلَمْ نَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ فِيهَا أَنَّهَا تُقَال سَبْعَ
مَرَّاتٍ ، هَذَا الدُّعَاءَ الْمُبَارَكِ الّذِي أَمَرَ بِهِ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَهُ الْمَرْءَ إذَا تَوَلَّى عَنْهُ
الْمُعْرِضُون بِمَا جاءهم مِنْ الْحَقِّ وَ الْهُدَى وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ
وَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْه النَّصِيحَة وَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْه الْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ أَلْحَقَه أَنْ يَسْتَعِينَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فِي
الدُّعَاءِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَقَبَّلَ أَنْ نَشْرَح هَذَا الدُّعَاءَ
يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الدُّعَاءَ يُطْلَقُ عَلَى نَوْعَيْنِ
اثْنَيْن:
· الْأَوَّل دُعَاءٌ مَسْأَلَةٌ وَطَلَب
· وَالثَّانِي دُعَاءٌ الْعِبَادَة
دُعَاءٌ الْعِبَادَة :
يَدْخُلُ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ فِي
الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مِنْ الْأَمْرِ بِالدُّعَاء وَالنَّهْيِ عَنْ دُعَاءِ
غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالثَّنَاءِ عَلَى الدَّاعِين يَتَنَاوَل
هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ وَكِلَاهُمَا مُتَلَازِمَان فالداعي دُعَاءٌ الْمَسْأَلَة
يَسْتَلْزِم دُعَاءٌ الْعِبَادَة وَبِالْعَكْس ، فالداعي دُعَاءٌ الْعِبَادَة هُوَ
مُتَعَبِّدٌ لِلَّهِ تَعَالَى طَالِب وَدَاع دُعَاءٌ بِلِسَان مَقَالَة وَلِسَانٌ
حَالَة رَبِّ تَقَبَّلْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ وَأَجِرْنِي عَلَيْهَا .
دُعَاءٌ الْمَسْأَلَة :
وَالدَّاعِي الْمَسْأَلَة هو كذلك دَاعِي لِلَّهِ تَعَالَى بِلِسَانِه
وَحَالَة فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ دُعَاءَه وَيُثِيبهُ عَلَيْهِ ، "وحسبي
الله" أَي
كافيني رَبِّي مِنْ جَمِيعِ مَا أَهَمَّنِي ، و "لا إلَهَ إلَّا
هو" أَيْ لَا
مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللَّهُ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ
الَّتِي عَلَيْهَا الْفَلَاح وَالنَّجَاح نَفْيًا وَإِثْبَاتًا ، "لا اله" هُوَ
نَفْيُ لِكُلِّ الْآلَةِ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، "إلا هو" هُوَ
إثْبَاتُ فِي تَحْقِيقِ الْخُصُوصِيَّة وَالْعُبُودِيَّة لَه جَلَّ وَعَلَا
بِالْحَقّ دُونَ أَحَدٍ سِوَاهُ ، "وعليه توكلت" أَي التَّوَكُّل
وَهُو اعْتِمَاد الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ وَسُكُونِه
وَعَدَم اِضْطِرَابُه أَيْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَثِقْتَ بِهِ ، وَثِقْتَ بِهِ هُوَ
وَحْدَهُ فِي جَلْب مَا يَنْفَعُ وَدَفَعَ مَا يَضُرُّ وَفِي تَقْدِيمِ عَلَيْهِ
لِلْحَصْرِ وَالْقَصْر أَيْ لَا اعْتَمَد إلَّا عَلَيْهِ وَحْدَهُ عَزَّ شَأْنُهُ .
أَهَمِّيَّة الدُّعَاء :
الدُّعَاء قَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بالعديد مِنْ فَوَائِدِهِ واهميته هَذِهِ الدَّعْوَةِ لِمَا جَاءَ فِي
فَضْلِهَا مِنْ السُّنَّةِ فِي الْكِفَايَةِ مِنْ كُلِّ مَا يَهُمّ الْعَبْدُ فِي
دِينِهِ وَدُنْيَاهُ ، فَإِنَّ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَفْرِغَ كُلُّ مَا فِي
وُسْعِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي تَحْقِيقِ مَقْصُودَةٌ
ثُمّ يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَهَذَا مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيد ،
أَن التَّوَكُّل سَبَبًا لِكِفَايَة اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لِلْعَبْدِ ،
كَمَا قَالَ تَعَالَى : (ومن يَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حسبه) ، أَمَّا فَضْل
كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فَإِنَّ فِيهَا النَّجَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَهَذَا الدُّعَاءُ فِيهِ أَهَمِّيَّة التَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بتوحيده
وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَرُبُوبِيَّتِه جَلّ سناه لِأَعْظَم مَخْلُوقَاتِه ، و
يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَدْعُوَ اللّهَ تَعَالَى وَإِنْ الدُّعَاءِ كَمَا
يَكُونُ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ يَكُونُ كَذَلِكَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ وَيَنْبَغِي
لِلدَّاعِي أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ جَلّ سناه حَالَ دُعَائِهِ وَإِن
يَخْلُصْ فِيهِ وَيَخْشَع وَيُذِل لِرَبِّه سُبْحَانَه فَهَذَا أَقْرَبُ وَادَّعَى
لِلْقَبُول إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ "حسبي الله" وَهَذَا
مِنْ التَّوَسُّلِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ
يُعَلِّمَنَا وَيُفَهِّمُنَا كَيْف نَدْعُوه وَبِمَا نَدْعُوه ، وَنَسْأَلُ
اللَّهَ تَعَالَى أَنْ نَدْعُوه بِمَا دَعَاه بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَعْظَمَ و أَنْفَع الدُّعَاءُ بِمَا دَعَا بِهِ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ أَعْرَفُ الْخَلْق بِالْحَقّ
جَلّ سناه لِذَا عَلَيْنَا بِمُتَابَعَة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّبِيل ، هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى
أَعْلَى و أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
تعليقات