مَاذَا يُحَدِّث لِلْمَرْأَة الْحَامِل وَالْجَنِين أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ؟ وَلِمَاذَا أَحَلَّ اللَّهُ صَلَاةَ الْحَامِل و حَرَّمَ صَلَاة الْحَائِض ؟
المرأة كالرَّجُل وَجَبَتْ عَلَيْها الصَّلَاةُ في كل الظروف وَالْأَوْقَات، فهي عِبَادَةً يُتَقَرَّبُ
بِهَا الْعِبَادُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا أَنَّهَا رُخِص لَهَا فِي
حَالَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَقَطْ ألا تُصَلِّي رَحِمَةً بِهَا، وَلَمْ
تَأْمُر بَعْدَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ مَا فاتها من الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ،
إلَّا أَنَّهَا لَمْ يرخص لها في حال الْحَمِل أن تترك الصَّلَاةِ وَهِيَ حَالَةُ
قد تكون أشَق على الْمَرْأَةِ مِنْ حَالِ لحَيض فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ
فيتبَادْرٍ إلَى الذِّهْنِ سُؤَال هو لِمَاذَا لَمْ يُرَخِّصْ لَهَا اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ بعدم الصَّلَاةِ فِي الْحَمْلِ كَمَا فِي الْحَيْضِ؟
مَاذَا يُحَدِّث لِلْمَرْأَة الْحَامِل وَالْجَنِين أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ؟ وَلِمَاذَا أَحَلَّ اللَّهُ صَلَاةَ الْحَامِل و حَرَّمَ صَلَاة الْحَائِض ؟ |
لَقَد أَثْبَتَت الدراسات الطِّبِّيَّة الحَدِيثَة أَنَّ الْمَرْأَةَ
الْحَامِلِ تسْتُفِيد هِي وَجَنِينُهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِصُورَة مُمْتازَةٌ، لأن
الْمَرْأَةِ الْمُصَلِّيَةِ عندَمَا تُؤَدِّي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَزِيد
جَرَيَانِ الدَّمِ إلَى الرَّحِمِ كَمَا أَنَّهَا تَضر كَثِيرًا لِلْحَائِضات لأَن
خَلِيَّةٌ الرَّحِم شَبِيهَةٌ بخلية الكبد الَّتِي تَجْذِبُ كَثِيرًا مِنْ
الدِّمَاءِ فَالصَّلَاةِ لِلْمَرْأَةِ الْحَامِل تَعْمَلُ عَلَى مرونة معظم عضلات
الْجِسْم وَتَسْهِيل مَرْكَز الْعَمُود الفقري مَع الْحَوْض، وتساعد عَلَى
تَوْصِيل الْغِذَاءُ إلَى الْجَنِينِ بانتظام عَبَرَ الدَّمُ، وَذَلِكَ بِأَنْ
رَحِم الْحَامِل يَحْتَاجُ إلَى الدِّمَاء الوفيرة لكي تَغَذِّي الْجَنِين
وَلتَصْفِيَة الْمُلَوِّثات من دمه، وَعِنْدَمَا تُؤَدِّي الحَامل الصَّلَاةِ
فَإِنَّهَا تساعدها فِي إيصَال الدَّمُ بوفرة إلَى الْجَنين، أما الْحَائِضُ إلَى
أَدَت الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَسَبَّب إندفاع الدَّمِ بكثرة إلَيّ رَحِمِهَا
وبالتالي يَزِيد فِقْدَان الدَّم وَنُزُوله مَعَ الْحَيْضِ، وَلو أدت الْحَائِضِ
الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا تَسَبَّب فِيهَا هلاك الْجِهَاز المناعي بجسمهَا لأن كريات
الدَّم الْبَيْضَاءُ الّتِي تَقُومُ بِدُور مُهِمٌّ فِي الْمَناعَة تُضَيِّعَ عبر
دماء الطمث الْمَفْقُودَة مِن الجِسم، أما الصلاة لِلْحَامِل تُسَاعِد فِي نُمُوّ
الْجَنِين نموا طَبِيعِيًا فضلا عن تنشيط الدَّوْرَة الدَّمَوِيَّة فِي الدِّمَاغِ
وَالْقَلْب وَالشَّرَايِين، وَكَذَلِك تُسَاعِد الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَامِلِ
عَلَى عَدَمِ الْإِصَابَة بدوالي الْقَدَمَين الَّتِي تَحْدُثُ نَتِيجَة ثِقَلِ
الْحَمْلِ، وَكذَلِكَ التَّغَلُّبُ عَلَى عُسْرِ الْهَضْم لِأَنَّ الرُّكُوعَ
وَالسُّجُودِ يفيدان فِي تَقْوِيَةِ عضلات جِدَار الْبَطْن، كَمَا تَعْمَل
الصَّلَاةِ فِي الْأَسَابِيعِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى دَفْعِ الْجَنِين
خِلَال مساره الطَّبِيعِيَّ فِي الْحَوْضِ كي تتم الْوِلَادَة بِشَكْل طَبيعي،
أمَّا إن صَلَّتْ الْمَرْأَةُ أَثْنَاءِ الْحَيْضِ فَإِنها تفقد الدِّمَاء بِقَدْر
هائل وَتَفَقُّدِه مَعَهَا كَثِيرٍ مِنْ كِرْيات الدَّم الْبَيْضَاءِ مما يعرض
سَائِرِ أَعْضَاءِ جِسْمِهَا مِثْل الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْغُدَة اللمفاوية
وَالمخ الْيَدِ يعرضها لْلمَرَض، وَهُنَا تَظْهَر حِكْمَةٌ مِنْع الصلاة أَيَّامِ
الْحَيْضِ لِلنِّسَاءِ حَتَّى يَطهَرن كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي
الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِأَنَّهُ أذى، قال اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى:( وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا
تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
أَمَرَكُمْ اللَّهُ أَنْ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ)، ونزيف الدم بصِفةٍ عَامَة يَزِيدَ مِنْ احْتِمَالَاتٍ
الْعَدْوَى بالأمراض، أَما الْحَيْض فَقَد حَفِظَهُن اللَّهُ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى مِنْ الْعُدْوَى بِتَرْكِيز كِرْيات الدَّم الْبَيْضَاء في الرَّحِم
خِلَال الْحَيْض لِكَي تَقُوم بالمدافعة وَالْحِمَاية ضِدَّ الأَمْرَاضِ، فتحريك
الْجِسْمَ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ يَزِيد سِيلَ الدِّمَاءِ إلَى الرَّحِمِ
وَيُسَهِّل فُقِدانه هَباء بِالْإِضَافَةِ لِمَا يُسَبِّبُهُ مِنْ نَقْصٍ
الأَمْلاح الْمَعْدِنِيَّة مِنْ الْجِسْمِ، وينصح الْأَطِبَّاء فِي فَتْرَةِ الطمث
بالاستراحة وَكَذَلِك تَنَاوَل وجبات الْغِذَائية لكي لا يُضَيِّعَ مَنْ الْجِسْمِ
الدَّم وَسَائِر الأَمْلاح الثمينَة وَهنَا تتضح أَيْضًا حِكْمَةُ اللَّهِ
تَعَالَى مِنْ مَنْعِ الصَّوْمَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحَيْضِ فَسُبْحَانَ اللَّهِ
عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لا تحصى وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لاتعد
فَسُبْحَانَ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبُّ
الْعَالَمِينَ .
هذا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات