الْمَرْأَةِ الَّتِي اعْتَدَى عَلَيْهَا الْيَهُود وجردوها مِن ملابِسَها فاستنجدت بِالرَّسُول فَمَاذَا فَعْلَ لَهَا ؟
كَانَ فِي سالف الزَّمَانِ قَبِيلَة يَهُودِيَّة تَسْكُن الْمَدِينَةِ
الْمُنَوَّرَةِ تُسَمَّى بني قينقاع ، وحين وصل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ
عاهدهم عَلَى أَنَّ لِلْمُسْلِمِين دِينِهِم و نفَقَتهِم وَأنَّ لليهود
دَيْنَهُم ونفقتهم وأنَه سيَقُوم بالدفاع عَنْ الْمَدِينَةِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ
فِي حَالَةِ التَّعَرُّض لِأي إعتداء، ولكن ما حدث أن قام بنو قينقاع في يوم
بدر بِالتَّعَاهد مَعَ بَنِي قُرَيْش ضِدّ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكي يُهْزم الرَّسُولَ
الْكَرِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ، وَلَكِنّ حَدَثت
إرادة الله سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى
وَذفرَ الْمُسْلِمُون بِالنَّصْر وَعِنْدَمَا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهَذَا الْأَمْرِ غَضَّ الْبَصَرِ عَنْهُم وَتَرَكَهُم.
الْمَرْأَةِ الَّتِي اعْتَدَى عَلَيْهَا الْيَهُود وجردوها مِن ملابِسَها فاستنجدت بِالرَّسُول فَمَاذَا فَعْلَ لَهَا ؟ |
كان بنو قينقاع يَعْمَلُونَ فِي
الصِّيَاغَة وَالْحُليَّ وفي يومٍ ذَهَبَت امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
لِسُوْقهُم لِكَي تَشتَري الْحُليَّ فطَلَب أَحَدِهِمْ مِنْهَا أَنَّ تُرْفَعَ
وشاح رأسها لِكي يراهَا، فرفضت هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةَ وَلَكِنْ لَمْ
ييأسوا فقام أَحَدَهمْ بربط طرف مِنْ
ملابِسَها إلَى ظَهْرِهَا، فحين إستعدت للرحيل أنكشف جسدها وَأَخَذوا يَسْخَرون
مِنْهَا، فَبكت السَّيِّدَة الْمُسْلِمَة وصرخت وَاسْتَنَجدْت بِمَن حَوْلُهَا،
فسمعها أَحَدٍ الْمَارَّةِ مِنَ المسلمين فجاء لينقذها وقَتَلَ الرَجُل المُسْلِم
الرَّجُلِ الَّذِي فَعَلَ بِهَا هَذَا أَوْ ضربه ضَرْبًا مُبَرِّحًا، فغضب يهود
بَنِي قَيْنُقَاعَ كَثِيرًا و تَجَمَّعُوا عَلَى الْمُسْلِمِ وقتلوه، فعْندَمَا
عَلِمَ أهله بِذَلِكَ إستنجدوا بِالْمُسْلِمِين ووقع الشر بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الْيَهُودِ فَعلم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَجَمَع
الصَّحابة وجهز جيشا وإنْتقَل سَرِيعًا إلَى حُصُون بَنِي قَيْنُقَاعَ و جَمَع
الْيَهُودِ فِي السوق وذِكْرِهِم بالْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَه وَبَيْنَهُمْ وحذرهم
مِنْ إذاء المسلمين، وقال لهم: يا معشر اليهود إحْزرُوا مِنْ اللَّهِ مِثْلَمَا
نَزَلَ بِقُرَيْشٍ مِنَ النّقْمَةِ وَأَسلموا فَإِنَّكمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِ
نَبَيُّ مُرْسَل تجدون ذلك في كتابكم وعَهدِ اللَّهِ إلَيْكُمْ، وَمَا كَانَ من
الْيَهُودُ حِينَ سمعوا كلام النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى
ردوا بتبجحٍ وقَالوا: يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما لَا عِلَمَ لهم بالحرب
فأصبت منهم فرصة أَنَّ والله لإن حربناك لتعلمن أن نحن الناس وسترى منا مالم تره
من غيرنا، فأسرع بنو قينقاع للتحالف مَع
الخزرج وَاَلَّذِي كَانَ يَرأسهُم عَبْدٍ اللَّهِ بْنِ أُبِي بْنِ سَلُولٍ وَذَلِك
لِكَي يقف بجوارهم إذَا حَدَثَتْ حَرْب بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْله تَعَالَى:( قُل لِّلَّذِينَ
كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ۖ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ
ۚ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً
لِّأُولِي الْأَبْصَارِ)، فحاصرهم الرَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعْدَمَا رَفَضوا مَا طَلَبه مَنْهُمْ مِنْ كَفٍّ الْأَذَى و كَشْف
عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأستَّمْر الْحصَارِ خَمْسَةٌ عَشَرَ يَوْمًا، وقذف
الله في قلوبهم الرعب حَتَّى إضطروا إلَى التَّسْلِيمِ ورضوا بمَا يَصْنَعُهُ
الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِقَابِهِمْ وَنِسَائِهِم
وَذُرِّيَّتِهِم أَمْوَالِهِم .
فجاء عبد اللَّهِ ابن أبي ابن سلول حين مكن الله رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَقَالَ: يا محمد احْسن
فِي مَوَالِيَّ وَكَان حلفاء الخَزرَج، فأبطئ عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَحسنّ فِي مَوَالِي، فَأَعْرَضَ عَنْهَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأدَخَلَ بن أبي يَدُهُ فِي جيب درع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرسلني وغضب
حَتَّى رَأوا لوِجْهَةَ ظللا، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَك أرسلني،
قال: لا والله
لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاصر وثلاثة مائة دارع قد منعوني مَنْ
الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ تحصدهم في غدَاة واحده إني والله إمرء أخشي الدوائر،
فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هم لك عَلَى
أَنَّ يَخْرُجوا مِنْ الْمَدِينَةِ وَ لَا يُجَاوِرُونَنا بها، فأمر بإجلائهم وغنم
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ لَدَيْهم من مَالٍ،
وَقد تولى جَمْعَ أَمْوَالِهِم وإحْصَائِهَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلَِمة رَضِي
اللَّهَ عنه، وهكذا خرج بنو قَيْنُقَاع صَاغِرَيْن وقد إستغرق خُرُوجِهِم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَذهبوا إلَى
حُدُودِ الشَّام وَسحبوا مَعَهُمْ النِّسَاءَ والذرية، ولم يدر الحول عليهم حَتَّى
هلكوا بِدَعْوَتِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ لابن أبي:( لَا بَارَكَ
اللَّهُ لَك فِيهِمْ)، وَقَدْ سَيْطَر الرعب عَلَى قلوب اليهود فَتْرَةً مِنْ
الزَّمَنِ بَعْدَ هذا العقاب الرَّادع
مِنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذكر الْقُرْآنَ
الْكَرِيمِ قِصَّتِهِم حَيْث قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الحشر:( هُوَ الَّذِي
أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ
الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ
حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ
وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ
وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).
هذا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات