مَا هِيَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَمَن يَعِيشُ فِيهَا حَقًّا ؟
نَسْمَع كَثِيرًا عَنْ سدرة المنتهى
وقد نمر عَلَيْهَا مُرُور الْكِرَام دون أن نتوقف ونعْرِفُ مَا هِيَ؟
حَيْث ذُكِرَتْ فِي الْقُرْآنِ
الْكَرِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * صَدَقَ اللَّهُ
الْعَظِيمِ)، فَمَا
هِيَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى؟ وَأَيْنَ تَقَعُ؟ وَمَن يَعِيش بِهَا؟ وَمَا هي
صِفَاتها؟ كيف وصفها النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
مَا هِيَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَمَن يَعِيشُ فِيهَا حَقًّا ؟ |
مَا هِيَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى؟
هي شجرة النبق وهي شجرة ثمرتها طَيِّبة يَنتَفِع بوَرقها وَهِيَ شَجَرَةٌ
الَّتِي حَصَلَ عِنْدَهَا لِقَاء النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ في رَحْلِه الإسْراءُ وَالمِعْراجُ، فسِّدْر
المنتهى هي شَجَرَة عَظِيمَةٌ أَصْلُهَا فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَتَمْتَدّ
حَتَّى تَصِلُ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ثم
إلَى ما شاء اللَّهِ تَعَالَى، وَلَقَدْ رَآها الرَّسُولِ فِي السَّمَاءِ
السَّابِعَةِ فهي معجزة الإسْراءُ وَالمِعْراجُ، ففي تلك الليلة عِنْدَمَا
الْتَقَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بواسطة المرقاة
وَهِيَ سُلَّمِ موُصُولِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ دَرَجَةً مِنْ ذَهَبٍ
وَدرِجة مِنْ فضة، رأى عجائب كَثِيرة وَمِنْهَا شَجَرَة عَظِيمَةً أسمها سدرة
المنْتَهَى أصلها فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَتَمْتَدّ حَتَّى تَصِلُ إلَى
السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ثم إِلَيَّ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ رَآها
الرَّسُولِ فِي السَّمَاءِ السابعة، وجاء ذكر سدرة الْمُنْتَهَى وَوَصَفَهَا فِي
بِضعَةِ أَحَادِيث رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا يصف عليه السلام سدرة
المنتهى وذكرت في الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (عن أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ وَالمِعْراجُ الطَوِيلٌ
وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ثم عرج إلَى السَّمَاءِ
السَّابِعَةِ فاسْتِفْتَح جِبْرِيلُ فَقَيلَ: مَنْ هَذَا؟ قال جبريل: قيل وَمَنْ
مَعَكَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قيل وقد بَعَثَ
إلَيْهَ قال :
قد بعث إليه ففتَحْ لَنَا، فإذا أنا بإبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مسندا
ظهرَه إلَى الْبيتَ المَعمُور، وَإِذَا هو يدخلَه كل يوم سبعين أَلْفَ مَلَكٍ لَا
يَعُودُن إلَيْهَ، ثُمَّ ذَهَبَ بي إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَإِذَا وَرَقُهَا
كَأذانِ الفيلة وَإِذَا ثمرها كالْقِلَال، قال: فمَا غَشِيها من
أمر الله ما غشى وتَغَيَّرَتْ، فمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله يَسْتَطِيعُ أَنْ
يَنَعَتهَا مِنْ حُسْنِهَا.
وعن مَالِكِ بْنِ صعصعة
الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ورفعت لي سِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نبِقهَا
كَأَنَّهُ قِلَالَ هَجَرَ، وورقها كأنه آذان الفيول، فِي أصلها أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نهران بَاطَنَان وَنهران
ظَاهَران، فسَأَلُت جِبْرِيلُ فَقَالَ: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران
النِّيلِ وَالْفُرَاتُ، وهذه الشَّجَرَة جَمِيلَة جِدًّا حَتَّى إنَّهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فما من أَحَدُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنعتها من حسنها
وأَوْرَاقِها كأوراق الفلية وأورقها مثل أذان الفيلة وثمارها كالقلال أي الجرار
الكبار ويخرج من ساقها أنهار عظيمة لذيذة المذاق، ومن وفرة أَوْراقِها وأغصانها
وضخامتها أن راكب المسرع يسير في ظلها مئة عام ولا يقطعها، ويحوم حولها ويغشاها
فراش من ذهب وَأَنْوَار عَظِيمَة يَزِيدُهَا جَمَالًا تزيدها جمالا فوق جمالها،
كذلك هناك ملائكة يسبحون اللَّهِ تَعَالَى، وعَن بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه
قال: لما أسري برَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى به
إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ إلَيها ينتهى ما
يعرج به مِنْ الْأَرْضِ فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به مِنْ السَّمَاءِ
فيقبض منها، (قَالَ إذْ
يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى قَالَ فراش مِنْ ذَهَبٍ).
سَبَبِ تَسْمِيَتها بهذا الاسم:
فجاء فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي
صَحِيحِ الْإِمَامَ مُسَلِّمٌ وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرج مِنْ الْأَرْضِ
فيَقْبِضْ مِنْهَا وَإِلَيْهَا ينتهي ما يهبط مِنْ السَّمَاءِ فَيَقْبضِ مِنْهَا،
وَقَال النواوي سَمَّيْت بسِدْرَةِ الْمُنْتَهَى لِأَنَّ عِلْمٌ الْمَلَائِكَة
يَنْتَهِي إلَيْهَا، وَلَمْ يَجاوزها أحِد إلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
تعليقات