هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مَلَك يُكَلِّم الْجَنِين بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَمَاذَا يَقُولُ لَهُ ؟
من بين وجوه الإعجاز ما تحدثت عنه آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَبْل
أَكْثَرَ مِنْ 14
قَرْنًا، عَنْ خُلُقٍ الْإِنْسَانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أوْ مَرَاحِل تَطَوَّره
منذ أن يكون نطفة إلَى أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ويلدا كَامِل
الْأَعْضَاءِ، سليم الحواس، فِي أَحْسَنِ مَنْظَرًا وتكوين، أدرك العلم الحديث
مبكرا ما تحدث عنه القرآن الْكَرِيمِ فِي وَصف مراحِل نُمُوّ الْجَنِين بِشَكْل
دَقِيق حَيَّر الْعُلَمَاء وَذوي الْألبَاب، بل إن ألفاظ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
فِي وَصف تلك المراحل أذهلت العلماء بشكَلِ جَدِير، مما أدى إِلَيَّ إيمَانٌ
الباحثين عَلَى الْحَقِّ مِنْهُمْ برِسَالَةِ الْإِسْلَامِ.
هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مَلَك يُكَلِّم الْجَنِين بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ ؟ |
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
حدثنا رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ:( إنَّ أَحَدَكُمْ
يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون
مضغة مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ
كَلِمَاتٍ، فيَكْتُبُ عَمَلَهُ، وأجله، وَرِزْقِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدًا ثُمَّ
يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ
حَتَّى ما يكون بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ
الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فيَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ
الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى ما يكون بَيْنَهُ
وَبَيْنَهَا إلا ذراع فيسبق عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ
النَّارِ فيَدْخُلَ النَّارَ)، (يجمع): أي "يضم ويحفظ"، (خلقه): أي " مادة خلقه" و هُوَ
الْمَاءُ الَّذِي يُخْلَقُ مِنْهَ،( في بطن أمه): أي "فِي رَحِمٍ
أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا" أَيْ
حَال كُونه (نطفة): أيَ منيا في مدة
الأربعين، ( فجمَعه
فِيهَا):
"أَيْ مَكَثه فِي الرحمْ يتخمر حَتَّى يتهيأ للخَلْقً أَوْ ضم مَتَفَرَّقيه،
لِأَنَّ الْمَنِيَّ يَقَعُ فِي الرَّحِمِ حين انزعاجه بالقوة الشهوانية الدافعة
مُتَفَرِّقًا، فيَجْمَعَه اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَلِّ الْوِلَادَةِ مِنْ
الرَّحِمِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، ودليله أنه جاء في بعض طرق هذا الحَدِيثِ ابْنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
وَغَيْرُهُ تَفْسِيرُ ذَلِكَ الْجُمُعَ بِأَنَّ الْنطفة إذا وقعت في الرَّحِمِ
فأَراد اللهِ تَعَالَى أن يُخْلَق مِنْهَا بِشْرا، طَارَت فِي بَشَرَةَ
الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفْرٍ وَشَعْر، ثم تمكث أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تصير
دما في الرحم، فذَلِكَ جمعها، وَذَلِكَ وقت كَوْنِهَا عَلقَة ويأتي الملك قَبِل
الولَادة لبضع في بَنِ آدَمَ هَذِه الْأَرْبِعَ كَلِمَات الْقَدْرية المذكورة فِي
الْحَدِيثِ و هِي عَمَلِه، وآجله ورزقه وشقيا أو سَعِيدًا، وجاء تَفْسِير الجَمْع
بشكل أخر عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وبن مندده
فِي سَنَد عَلَى شَرْطِه الترميذي وَالنِّسَائِيَّ عَنْ مَالِك بْنِ
الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:( قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ إذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ
يَخْلُقَ النسمة فجامَع الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، طَار ماؤه في كل عَرقْ وَعَصَب
مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ سَابِعَ أَحْضَرَ الله عز وجل لَهُ كل عرق
بَيِّنَةٌ وَبَيْنَ آدَمَ، ثم قرأ: (فِي أَيِّ صُورَةٌ ما شاء رَكَّبَك) ويشهد لهَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ لِمَنْ قَالَ لَهُ وَلَدت إمرأتي غلاما أسودا،
لعله نزعه عرقا)، و
مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ مَاءٍ الرَّجُلِ الْمَنِيّ إذا دخل الرحم فإنَّهُ بَعْدَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ
كُلُّ عرق وعضو مِنْ الْمَرْأَةِ شعر بِهَذَا المني، وقد تخلل الْمَرْأَة كتخلل الدم
فِي عروقها، ثم يجْمعِه الله مرة أخرى وكينونة
مُعَيَّنَة وَتُرَكَب فِيهَ، وتعرض كل الشفرات الوراثية الَّتِي تَحمل
صِفَاتِ كل الَألبَابِ مِنْ أَوَّلِ سَيدنا آدم وحواء وَحتى الأبِ وَالْأُمِّ
الَّذِينَ حَدّث بَيْنَهُمَا ما يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، ثُمَّ
يَكُونُ التَّرْكِيبِ عَلَى الصُّورَةِ التي يقدرها الله على هذا الشبه و يَحْدُثُ
التشابه من جُدودٌ الْجُدود مَعَ الأَبْنَاءِ، فظهر سيدنا آدم حوى من كل النطف
بنصيبها ورزقها من صفات وأشكال سَيِّدِنَا آدَمَ وَحَوَّاءَ مِنْ نُطْفَةٍ
بِنَصِيبِهَا ورزقها من صفات وَإِشْكَالٌ، وقد أثبت العلم منذ فترة ما يسمى ب"DNA" .
وهَذِهِ الْكَلمات الْأَرْبَعَة
قَدَرِيَّة تُوضَعُ فِي الْإِنْسَانِ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكَأَنَّهَا فِي
مَا يُسَمَّى فِي عَصْرِنا الْحَدِيث شَرِيحَة مَكْتُوبٍ فِيهَا كل الْمَعْلُومَاتُ
اللَّازِمَة عن رصيده مِنْ حَسَنَاتِ وَسَيِّئَاتٍ، و تَارِيخ انْتِهَاء
الصَّلَاحِيَّة عِنْدَ انْتِهَاءِ الصَّلَاحِيَّة يحَدِّث الْمَوْت فيأتيه الأجل
الْمَحْتُوم، وتتوقف جَمِيع الأَجْهِزَة وَالْحَرَكَة الَّتِي كَانَتْ تَدُب عَلَى
وجه الأرض، كَأنك نزعت الكَهْرَباء عَن
جَهَازِ لَا يُمْكِنُ شَحَن، اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مَنْ قَالَ سُبْحَانَ
اللَّهِ تَعَالَى فِيه قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورُ وَكِتَابٍ مُبِينٍ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمِ.
تعليقات