رَجُلٌ مَاتَ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ فِي رَفَضَت الْأَرْض دَفْنِه وَكَانُوا مُسْلِمَيْن فَمَاذَا فِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
فِي حَيَاةِ صَّحَابَةُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ مِنْ الْقِصَصِ الْكَفِيلة
بتعليمنا أُمُور دِينِنَا، فبعضها مأخوذ من حَيَاة رسُولنا الْكَرِيمَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد روى إمام الدعاة الشَّيْخُ مُحَمَّدُ مُتَوَلِّي
الشَّعْرَاوِيّ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي رَفَضَت الْأَرْضُ دفنه ونزل فيه قرآنا
يتلى إلى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فهيا بنا لنتَعْرِف عَلَيْهَا من خلال مقالة اليوم.
رَجُلٌ مَاتَ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ فِي رَفَضَت الْأَرْض دَفْنِه وَكَانُوا مُسْلِمَيْن فَمَاذَا فِعْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ |
مَنْ هُوَ هَذَا الرَّجُلُ؟
هو يدعى محلم بن جثامه وَاسْمُه يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ بْنِ رَبِيعَةَ ابْنِ عبد
الله بْنُ يعمر الشداخ بْنِ عوف بْنِ ابْنِ كعب بْنِ عامر بْنِ ليث بن بكر بن عبد
مناة بن كنانة الكناني الليثي أخو الصعب بن جثامة.
ما نقله العلماء عنه:
أنبائنا عبيد الله بإسناده من يونس عن بن إسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن
قسيط عن القعقاع بن عبد للَّهِ بن أبي حدود، عن أبيه قَالَ:(بعثنا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى إضم، فخرجت في نفر مَنْ
الْمُسْلِمِينَ فيهم: أَبُو قَتَادَةَ وَمحلم بن جثامة، فخرجنا حتى إذا كنا في
بطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي، على بعير له، فلما مر عَلَيْنَا سلم علينا
بِتَحِيّةِ الإِسْلامِ فَأَمْسَكنَا عنهَ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ محلم بن جثامة فَقتله
لشيء كان بينه وبينه، وأخذ بعيره ومتاعه، فلما قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْنَاه الخبر، فنزِلَ فِينا الْقُرْآنُ
قَالَ تَعَالَى:(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَتَبَيّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لست مؤمنا).
رأي الطبري فيه:
ذكر الطبري أن محلم بن جثامة توفي فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدفنوه فلفظته الأرض مرة بعد أخرى، فأمر به فألقي بين جبلين
وجعل عليه الحجارة، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنْ الْأَرْضَ
لا تقبل من هو أشر منه، وَلَكِنَّ اللَّهَ أراد ان يريكم آية فِي قَتْلِ المُؤْمِن)
قصته كما رواها الشَّعْرَاوِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
يري الفضيلة العلامة الشعراوي أن محلم الليثي ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي خرج
فِي يوما في سرية، قد أَمْر بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَتَكَوَّنُ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَشْخَاص، يقودها رجل يسمى قتادة بن
ربيعية، وهذه السرية غرضها أن يظن الْبَعْضِ إنْ الرَّسُولَ قَد إتجه إلى هَذَا
الِاتِّجَاهُ عِنْدَمَا كَانَ يُجَهِّزُ لغزوة أهل مكة، وفي أثناء رحلة تلك السرية
وجدوا شخصا يدعى عامر الأشجعي، فألقى عليهم عامر السَّلَامَ وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ
أَحَدَ مِنْ هَذِهِ السّرِيّةِ على التحية، وكان ذلك بسبب وجود بغضاء وخلاف شديد
بين محلم الليثي وعامر الأشجعي، فظنوا أنها خديعة من عامر لهم، فهم محلم بقتل عامر
الأشجعي وأخذ بعيره ومتاعه، ثم انهى السريه وعاد إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُنَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى:(يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا
تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ
كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)، علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعله محلم،
فجاء محلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس بين يديه وقال له: إستغفر لي يا رسول
الله، فقال له رسول الله: لا غفر الله لك، لأن الرسول يعلم أن محلم قتل عامر
الأشجعي بسبب بغضاء في قلبه، وليس دفاعا عن النفس، ومضت أيام ثم مات محلم الليثي
فعندما أرادوا أن يدفنوه لفظته الأرض ورفضت دفنه، فقال لهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إن الأرض
فبلت من هو شر من محلم، ولكن الله أراد أن يعظم من حرمتكم أي من حرمة الدم.
تعليقات