قِصَّةَ
الرَّجُلِ الَّذِي عَصَى اللَّهَ طِوَال حَيَاتِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا
أَبَدًا وَدَخَلَ الْجَنَّة فَكَيْفَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ؟
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَما عمَل خَيْرًا
قط، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَانَ رَجُلٌ
مِمنْ كَانَ قَبْلَكُمْ اعطاه الله مالا وولدا أصرف عَلَى نَفْسِه يسيء الظن
بعَمَلِهِ لم يعمل مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا قَطُّ إلَّا التّوْحِيدُ، فلما حضرته
الوفاة فزع فزعا شدِيدَا مِنَ عَذَابِ اللَّهِ، وعلم أَنَّهُ لَنْ يَنْجُو مِنْ
رَبِّهَ متي وقف بَيْنَ يَدَيْهِ،
فذنوبه كثيرِة وَحَسَنَاتِه مفقودة، فأراد
أن يهرب من عذاب اللَّهِ، وَلَمْ يَجِدْ سبيلّا لِتَحْقِيق ذَلِكَ إلا بأن يحرق
بَعْدَ موته، ثم يزر رماده فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فهيا بنا لنتعرف كيف غفر له
اللَّهِ جَمِيع ذنوبه وأدخله جنته؟
قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي عَصَى اللَّهَ طِوَال حَيَاتِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا أَبَدًا وَدَخَلَ الْجَنَّة فَكَيْفَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ؟ |
عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّهُ عَنْهُ، (عن النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رجل كَانَ قَبْلَكُمْ أعطاه الله مالا فقال
لِبنيه لِمَا حضْر، أي أب كُنْت لكم، قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل
خيرا قط، فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا ذلك، فجمعه اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: ما حملك؟ قال: مخافتك،
فطلقه اللَّهُ بَرحمته، هذا الرجل من بني
إسْرَائِيلَ مِمنْ كَانَ قَبْلَنَا أعطاه الله مالا ووسع عَلَيْهِ، قيل إن الرواية
الصحيحة رأسه الله مالا، فقال لبنيه لَما
حضُرْ أيْ عِنْدَمَا جَاءَهُ الْمَوْتُ وَحَضَره أي أب كنت لكم؟ يسأل أبنائه فيقول
لهُم: يَا
أَبْنَائِي كيف كانت أبوتي ومعاملتي لكم، فقالوا: خير أب، وأبوهم
يريد بذلك أن يستوثق مِنْهُمْ فَكَأَنَّهُ
يَقُولُ: مقابل
إحساني إلَيكم وتربيتي لكم وأبوتي الحانية عليكم إلى آخره، أريد منكم أن تنقذوني
من عذاب الله، فإنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا لَمْ أعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، ولا يلزم
من كونه لم يعمل خيرا قط أنْ يَكُونَ تَارِكًا لِجَمِيع الْفَرَائِض مَرْتَكبِا
لْجَمِيع الْمُحَرَّمَات، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ أَنَّهُ قالها هضمها للنفس وإعترافا
بالتقصير، فهذا الرجل لاريب أنه مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَإِلَّا لِا مُسْتَحِقّ
رَحِمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى، فَإِنَّ الكفار ملعونون مطرودون مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهُ، لكنْ هَذَا الرَّجُلُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قط، ومَعناه كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ
أَصرف على نَفْسِه فِي المعصي وفرط في
حَقِّ اللَّهِ، تاركا للْوَاجِبَات وإرتكابا
للْمَحْظُورَات، فقَالَ: فإذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ إِسْحَقوني ثم
ذروني فِي يَوْمِ عَاصِفٍ، واليوم العاصف هو الَّذِي تَكُونُ الرِّيَاحَ فِيه
شَدِيدة فَهو يُرِيد مِنْهُمْ أن يذروه، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:( تذروه الرِّياحُ) بِمعنى أنْ
يُحَرِّقُوهُ ثم يسحقوه ثم يَطحِنوه ثُمّ يذروه فِي يَوْمِ عَاصِفٍ، فتذهب به
الريح في كل مكان أخذ ايمانهم وتعهداتهم وقَالَ: لتفعلن ما أمركم
به أو لأولين ميراثي غيركم، إذا هناك تهديد فِي قَضِيَّةٍ مِيرَاث أَن لمَ
ينْفَذوا مَا أمرهم فلمَا مات فْعَلُوا
بِهِ ذَلِكَ، وأحرقوه ونسفوه فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فِي يوم ريح بعد أن صار
رمادا، (قال
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أمر الله الأرض فقال إجمعي ما فيك ففعلت) (وفي رواية أمر اللَّهُ البحَرْ فجْمَعَ
مَا فِيهِ وَأمَر اللَّهُ البر فجمت ما فيه فإذا هو قائم بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ) (وفي رواية أخرى
أن الله قال له كن فكان كأسرع من طرفة العين وقام بين يدي الله قال: يا عبدي ما حملك
على ما صنعت، قال: مخافتك يا رب، فغفر الله له بذلك واطلقه برحمته رواه البخاري ومسلم، وقد يقول قائل كيف
يغفر الله لهذا الرجل مع أنه أَنْكَر قَدَّرَة اللَّهُ، وظن أن الله لا يبعثه بهذه
الحَالة، والجواب أَنَّ هَذَا الرجل لم
ينْكَرٌ الْبَعْث كُلُّهُ و لَمْ يُمْكِنْ قَدَّرَة اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وإنما
جهل فظن أَنَّهُ إذَا فعل به هَذَا لا يعد، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَوْقن أَنَّهُ
سيبعث، وَلَكِنْ ظن أن هذه الحالة الخاصة ربما تنجيه مِنْ الْبَعث وَالْعَذَاب،
والرَجُلٌ فعلا صادق فِي قَضِيَّةٍ خشيته لله وخوفه، فالحامل له على ذلك ليس
الْعِنَاد والتكذيب وإنَّمَا الجهل والله تَعَالَى أَعْلَى وَأَعْلَم ،نسأل الله
سبحانه وتعالى أن يحسن عملنا ويحسن خاتمتنا وأن يتلقانا برَحْمَتِه وأن يتوب
عَلَيْنا وَإِنْ يَرْزُقَنَا جَنَّته وَإِنَّ يُعِيذنَا من ناره وعذابه وصلى الله
وسلم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
تعليقات