أَيْنَ تَذْهَبُ الرُّوحَ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟
الروح:
الروح هي إِحَدى مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَوْجُودِة فِي كُلِّ
البَشَرِ والذي استودعها اللَّهُ تَعَالَى فِيهم، ومتى فارقت الروح جسد صاحبها قد
بات منتهى أجله فيقول تَعَالَى:( فَإِذَا جَاءَ
أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)، ومن خلال
مقالنا اليوم سنتعرف على مستقر الأَرْوَاحِ بَعْدَ الْمَوْتِ وأَيْنَ
تَذْهَبُ؟
أَيْنَ تَذْهَبُ الرُّوحَ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ |
مستقر الأرواح بعد الموت:
لا شك أن الأرواح في البرزخ متفاوتة مَنْ حَيْثُ منازلها، فِهناك أرواح في
أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وأرواح في حواصل الطير تسرح في الجنة، وأرواح تبقى عند باب
الجنة محبوسة عنده، ومنها من يبقى فِي الْقَبرِ أو فِي الْأرْض، وكَذَلِكَ مِنْ
الْأَرْوَاحِ مَا تَكُونُ فِي نَهْرٍ مِنْ الدَّمِ وَتُلقى في الْحِجَارَة،
وَكُلُّ ذَلِكَ وارد فِي سَنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ مَسألة
مستقر الأرواح بعد موت الأجساد من المسائل الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، فالْبَعْضِ
قَالُوا إنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَقِرَّها عِنْدَ اللَّهِ سواء كانوا
مِنْ الشُّهَدَاءِ أَوْ مِنْ غَيْرِهم، شرط عدم
وجُودٍ مَا يمنعهم من الجنة كإرتكاب
كَبِيرَةً مِنْ الْكَبَائِرِ أَوْ وجَود الدَّيْنِ، والذي قال بهذا القول
أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُما، وتتعدد الأقوال في ذلك تتلخص كلها فِيمَا يَأْتِي عَلَى هَذَا النَّحْوِ
الْمُفَصل.
· مستقر أرواح الأنبياء:
مَا أَرْوَح الْأَنْبِيَاء فتكون فِي
أَعْلَى الْمَنَازِلِ فِي عِلِّيِّينَ فِي الرفيق الْأَعْلَى، فقد سمعت
سَيِّدَتُنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رسول اللَّهُ صلى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حِينَ كَانَ فِي لَحْظَةِ الاحْتِضَارِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ
الرَّفِيقَ الْأَعْلَى وَهُمْ متفاوتون في هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ أَيْضًا، أي
أَنَّهُمْ ليسوا جَمِيعًا فِي المرتبة نفسها، كما رآهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم لَيْلَةٍ الْإِسْرَاءِ وَالمِعْراجُ.
· مستقر أرواح الشهداء:
بِالنِّسْبَة لِأَرْوَاح الشُّهَدَاء،
الشّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ قَالَ تَعَالَى: ( وَلَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِيلُوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتَا بَلْ أَحْيَاءِ
عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، وسئل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ تَفْسِيرِ
هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: سمعنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ:ارواحهم في جوف طير خضر لها قناديل مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ
تسرح مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَأَت ثم تأوي إلَى تلك الْقَناديل.
· مستقر أرواح المؤمنين:
تكون طيورا وتبقى كذلك إلى حين يبعث
الله أجسادهم، أما أرواح العصاة حيث جاءت النصوص تبين مصير كل معصية عَلَى حده،
فَالَّذِي نَام عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، يرضخ رأسه بصخرة،
والزناة يعذبون في التنور وهو يشبه الفرن ضيق من الْأَعْلَى واسع من
الْأَسْفَلِ فِيه نار مِنْ تَحْتِهَ إلى غير ذلك من صنوف الْعَذَابِ، من يكون
محبوسا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ يَكُونَ ذَلِكَ حَالَ وُجُودِ دين مِثْلِا كما ذكر،
وهناك من يكون مقره باب الجنة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:( الشهداء
على بارق نهر بباب الجنة قبه الخضراء يخرج عليهم بس هم من الجنة بكرة وعشيا).
·
مستقر أرواح الكفار:
تخرج منهم كالريح النتنه أَنَّ موقع
روح الإنسان بَعْدَ مَوْتِهِ ودفنه وَما يُحْدِثْ لَهُ يختلف بإختلاف هذا الميت أو
ذلك، فروح المؤمن تأخذها ملائكة الرحمة فيصعدون بها إلى السماء السابعة، فيقول
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:( أكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني
مِنْهَا خَلَقْتهمْ وَفِيهَا أعِيدُهمْ وَمِنْهَا أخْرِجُهمْ تَارَةً أُخْرَى، قال: فتعاد روحه في
جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي اللَّه،
فيقولان له: مادينك؟
فيقول: الإسلام،
فيقولان: وما علمك؟
فيقول: قرأت
كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة
وألبسوه من الجنة وأفتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فأتيه من روحها
وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ
الثيابٌ طَيَّب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك هَذَا يَوْمُك الَّذِي كُنْتُ
تُوعَدُ، فيقول له: مَنْ أَنْتَ؟ فوجهك الوجه يجيء بِالخَيْر، فيقول: أنا عملك
الصالح، فيقول: ربي أقم الساعة
حتى أرجع إلى أهلي ومالي)، وأما روح الكافر والعياذ باللَّهُ فتأخذها ملائكة
العذاب إلى سجين فِي الْأَرْضِ السفلى
فتُطْرَح فِيهَا طرحا ثم تعاد إلى جسده، وَيأتيه مَلَكَان فيجلسانه
فَيَقُولَانِ لَهُ: من ربك؟ فيقول: هاه هاه
لا أَدْرِي، فيقولان له: مادينك؟ فيقول: هاه هاه لا أَدْرِي، فيقولان له: ما هَذَا
الرَّجُلِ الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أَدْرِي، فينادي مناد مِنْ السَّمَاءِ أَنْ
كذب فأفرشوا له مِنْ النَّارِ وأفتحوا لَه بَابًا إلَى النَّارِ فيأتيه مَنْ
حَرهَا وسمومها، وجاءت هذه التفاصيل فِي عدة أَحَادِيثِ مِنْها الْحَدِيثِ
الطَّوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَبَعْضُه فِي
الصَّحِيحَيْنِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ مَعَ أحَادِيثِ أُخْرَى و كَلَام لِأَهْلِ
الْعِلْمِ.
تعليقات