المجرم الذي قرر أن يتوب بعد أن قتل ٩٩ شخصا
وتشاجرت الملائكة عليه
نسمع كثيرا من القصص عن أشخاص عاشوا حياتهم مؤمنين صالحين
طائعين ولكن قبل مماتهم بفتره فجروا وكفروا وماتوا على سوء الخاتمة وفي المقابل
هناك أناس عاشوا حياتهم كلها في فسق وكفر ومعصية لله وقبل وفاتهم تابوا إلى الله
فرزقهم الله حسن الخاتمة ولكن إلى أي حد يمكن ان يتمادى الإنسان في الفجور
والعصيان قبل أن يحرمه الله تعالى من التوبة والمغفرة ففي مقالنا اليوم سوف نسرد
القصة التي رواها النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل قتل ٩٩ شخصا ثم أراد أن يتوب .
المجرم الذي قرر أن يتوب بعد أن قتل ٩٩ شخصا وتشاجرت الملائكة عليه |
قصة الرجل:
ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام ان كان هناك رجل فاجر من
بنى إسرائيل سيطر عليه الشيطان فلم يترك معصيه إلا وارتكبها وتمكن الشر من قلبه
فغرق فى الشهوات وتمادى في الفساد والطغيان، فلم يكن يتردد في القتل وأذية الناس
حتى وصل به الحال ان قتل ٩٩ شخص ولم يقتل أي منهم بوجه حق بل قتلهم كلهم ظلما
وعدوانا، والقتل هو أكبر معصيه يمكن للإنسان أن يرتكبها قال تعالى (مَنْ يَقْتُلُ
مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فجَزَائَهُ جِهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وبعد أن عاش
حياته في الظلم والطغيان مل من حياته وفكر ان يرجع إلى ربه، لعله يرحمه ويقبل
توبته، فكان يعلم أنه أذنب ذنبا عظيما، ولخوفه من ان لا يقبل الله توبته ذهب إلى
أشهر عالم في وقته ليستشيره فى أمره وسأل كثيرا حتى دله الناس على راهب عابد ترك
ملذات الدنيا وبنى صومعه يتعبد الله فيها طوال وقته، فحضر الرجل نفسه وأستدل على
صومعة هذا العابد وذهب إليه وهو كله أمل ان يقول له العابد أن الله سيقبل توبته
ويغفر له عظيم ذنبه، فذهب إلى الصومعة ودخل فرجد رجل صالح ظهر على وجهه الصلاح
والتقوى وتردد بأن يسأله عن حاجته وفي النهاية تجرأ وسأله وقال له : إني رجل قد عصيت
الله وأفسدت في الأرض وقتلت ٩٩ نفسا كلها ظلما بغير وجه حق وأنا اريد التوبة، فهل
تجد لي من توبة؟، لم يصدق الراهب ما سمع منه، فكيف لرجل كل هؤلاء الناس يتجرأ على
طلب الصفح والغفران، فجفل وفزع وقال له بحزم وغضب تقتل ٩٩ نفس بريئة وتريد التوبة
هذا من العجائب، لاشك أن الله لن يتقبل توبتك أيها الفاجر المفسد هذا لا يحتاج إلى
سؤال، ونزل كلام الراهب على مسمع الرجل كنزول النار على الوقود، فهذا ما كان يخشاه،
واسودت الحياة في عينيه وامتلأ قلبه بالحقد والغضب وطار عقله من رأسه وتحجر قلبه فأستل
سيفه من غمده وضرب به الراهب وأرداه قتيلا وأكمل عدد قتلاه إلى المائة، ورجع إلى
مخبأه والخيبة ظاهرة على وجهه فقد أيقن أن لا توبة له ومصيره النار بقي الرجل على
هذه الحال لفترة من الزمن، ثم عادت التوبة تشغل باله فهو لم يريد ان يعيش باقي
حياته عاصيا متجبرا، فعاد وسئل الناس عن أعلم أهل الأرض، ودله الناس الصالحين عن
رجل عالم ذو شأن عظيم فتح الله عليه من فضله وأعطاه من علمه، فتجدد الأمل عند
الرجل، واتجه إلى العالم مسرعا يريد خبرا يفرح قلبه وعندما وصل إليه قال له إني قد
قتلت مائة نفس بغير وجه حق، وأريد أن أتوب وأعود إلى الله فهل تجد لي من توبه؟
فتبسم العالم وقال له: وإن قلت لك إن الله عز وجل
لا يتوب على من تاب فأكون قد كذبت عليك ومن يحول بينك وبين التوبة؟ فرح
الرجل بجواب العالم فرحة لم يعرف مثلها من قبل، وامتلأ قلبه بالسرور والأمل فقال
له العالم ولكن بشرط أخرج من القرية الخبيثة التي أنت بها وانطلق إلى قرية كذا
وكذا فإن بها أناس يعبدوا الله فاعبد الله معهم لعل الله يتقبل توبتك ولا ترجع إلى
أرضك فإنها أرض سوء، فذهب الرجل مسرعا وجمع اغراضه وانطلق مسافرا باتجاه القرية
التى دله عليها العالم حتي إذا وصل إلى منتصف الطريق وافته المنية، فاختصمت فيه
ملائكة العذاب وملائكة الرحمة أيهم أحق به، وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل صالحا
قط، وقالت ملائكة الرحمة أنه جاء تائبا بقلبه فبعث الله ملكا على صورة آدمي فاختصموا
إليه وجعلوه حكما بينهم، فقال لهم قيسوا ما بين الأرضين فمن أي أرض كان أقرب
فألحقوه بها، وكان الرجل أقرب من أرض السوء، لكن الله كان يعمل صدق نيته وإخلاصه
فى طلب التوبة فحرك الأرض لأجله فأوحى الله إلى القرية الخبيثة التي خرج منها أن تباعدي وإلى القرية الصالحة التي كان يريد
أن تقربي، فقاسوا المسافة فوجدوه أقرب إلى الأرض التي أراد السفر إليها بشبر،
فألحقوه بألها فقبل الله بتوبته وغفر له قال تعالى (قُلْ يَا
عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهُ أَنْ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ) فمهما
عظم الذنب فرحمة الله أعظم.
تعليقات