هَلْ تَعْلَمُ لِمَاذَا رَفَض بِلَال مُؤَذِّنٌ الرَّسُولِ أَنْ يُؤَذِّنَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَمَاذَا فَعَلُ وأَيْنَ ذَهَبَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
بِلَال ابْنَ رَبَاحٍ الْحَبَشِيَّ
الْمُؤَذِّن مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، اشْتَرَاهُ ثُمَّ أعتقه، وَكَانَ
لَهُ خازنا وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ مُؤَذِّنًا، وَكان صَادِقٌ الْإِسْلَامِ
طَاهِرُ الْقَلْبِ كَانَ مِنْ السَّابِقِينَ إلَى الْإِسْلَامِ تُمَيِّز بِصَوْتِه
الْعَذْب والرائع أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَعِنْدَمَا فَرْضٌ الْأَذَانِ فِي
الْإِسْلَامِ تَمّ تَكْلِيفَهُ مِنْ قِبَلِ الرّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِمُهِمَّة النِّدَاء للْأَذَانِ لَكِنْ الْكَثِيرَ لَا يَعْلَمُونَ
مَاذَا فِعْلِ بِلَالٍ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَيْنَ ذَهَب، لِمَعْرِفَة الْإِجَابَة تَابَعُوا مَعَنَا مقالة
الْيَوْم .
هَذِه الْمَعْلُومَات كَثِيرٍ مِنْهُ يَعْرِفُهَا ودرسها وَقَرَأَهَا ،
وَلَكِنْ مَا لَا يَعْرِفُهُ الْكَثِيرُون هو أَيْنَ ذَهَبَ بِلَالٌ بَعْدَ
وَفَاةِ حَبِيبَه وحبيبنا مُحَمَّدِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ذَهَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَهُ يَا
خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَ سَلَّم يقول أَفْضَل عَمِلَ الْمُؤْمِنُ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، قَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ: فَمَا تَشَاء يَا بِلَالُ؟ قال: أردت أن أرَابِطَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَنْ يُؤَذِّنُ
وَلَنَا؟ قَالَ بِلَالٌ: وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ مِنْ الدَّمْعِ إنِّي لَا
أُؤذْنَ لِأَحَد بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَل أَبْقى
وَأَذن لَنَا يَا بِلَالُ، قَالَ بِلَالٌ: أَنْ كُنْت قَدْ
اعتقتني لَا أَكُونُ لَك فَلْيَكن مَا تُرِيدُ، أَنْ كُنْت أَعْتَقَتْنِي لِلَّهِ
فدعني وَمَا أَعْتَقَتْنِي لَه، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَل أَعْتَقْتُك
لِلَّهِ يَا بِلَالُ، فَسَافَرَ إلَى الشّامِ حَيْثُ بَقِيَ مُرَابِطًا
وَمُجَاهَدَ يَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا أطق أن أبقى فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ
وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ إذَا أَرَادَ
أَنْ يُؤَذِّنَ وَجَاءَ "إلَى أَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدَ رَسُولُ
اللَّهِ"
تخنقه عَبْرَتُه فَيَبْكِي فَمَضى إلَى الشّامِ وذهب مَعَ الْمُجَاهِدِين
وَبَعْد سِنِين رَأَى بِلَال النبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
مَنَامِهِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا هَذِهِ الجَفْوَةُ يَا بِلَالُ ؟ مَا هَذِهِ
الجَفْوَةُ يَا بِلَالُ؟ إمَّا آنْ لَك أَنْ تَزُورَنَا فُانتبه حَزِينَا، ورَكَبْ
إلَى الْمَدِينَةِ فَأتَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاجْعَل يَبْكِي ويتمرغ وَعَلَيْهِ
فَأَقْبَل الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَجَعَل يَقْبَلُهُمَا ويضمهما، فَقَالَا لَهُ
نشتهي أَنْ تُؤَذِّنَ فِي السّحَرِ فعَلَا سَطْحٍ الْمَسْجِدِ فَلَمّا قَالَ: "اللَّهُ
أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ" فرجَت الْمَدِينَةَ فَلَمَّا قَالَ: "أَشْهَدُ
أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" زِادَة رَجْتِهَا، فَلَمَّا قَالَ: "أَشْهَدُ
أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" خَرَجْت النِّسَاءُ مِنْ خدورِهِمْ، فَمَا
رُؤْيَا يَوْمٍ أَكْثَرَ بَاكِيًا وَبَاكِيَة مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، عِنْدَمَا
زَار الشَّام أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ تَوَسَّل الْمُسْلِمُون إلَيْهِ أَنْ يُحْمَلَ بِلَال عَلَى أَنَّ
يُؤَذِّنَ لَهُ صَلَاةٌ وَاحِدَةٍ وَدَاع أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِلَالًا وَقَدْ
حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَرَجَاه أَنْ يُؤَذِّنَ لها وصاعد بِلَال وَأَذِنَ فِبكي
الصَّحَابَةِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ أَدْرَكوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَ سَلَّم و بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بكوا كَمَا لَمْ يَبْكوا مِنْ قِبَلِ
أَبَدًا وَكَانَ عُمَرُ أشدهم بُكَاء، وعِنْد وَفَاته تبكِيّ زَوْجَتِه بِجِوَاره
فَيَقُولُ: لَا
تَبْكِي غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَصَحْبِهِ.
مواقف بلال مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
وَمَنِ قُصَيٌّ مَعَ الرَّسُولِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى الْبُخَارِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ ابْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:( سرنا مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَوْ عَرَسْتُ
بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَخَافُ أَنْ تنَاموا عَنْ الصَّلَاةِ، قَالَ بِلَالٌ: أَنَا أقظكم
فاضطجعوا وَأَسْنَد بِلَال ظهْرَه إلَى رِحْلَتَه فِغُلبَته عَيْنَاهُ فَنَامَ
فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيَّ وَقد طَلْع حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَالَ: يَا بِلَالُ
أَيْنَمَا قُلْت، قَالَ: مَا أُلْقِيَت عَلِيّ نَوْمِة مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ
إنْ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحكَم حِين شاء وَرَدَّهَا عَلَيْكُم حَينَ شاء يَا
بِلَالُ قم فَأذن مَنْ بِالنَّاس بالصَّلَاة)، وَعَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن بِلالٍ قَالَ:( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بِلَالُ أَلْقَى اللَّهَ فَقِيرًا، وَلَا تُلْقِيه
غَنِيًّا قَالَ:
قُلْتُ: وَكَيْفَ
لي بذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إذَا رِزْقِك فَلَا تَخَبَّأ، وَإِذَا
سُئِلْت فَلَا تَمْنَعُ قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ لِي بذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ ذَاكِ
وَإِلَّا فِالنَّارِ)
مواقف بلال مع الصحابة:
وَمَنْ مَوَاقِفِه مَعَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ
أَجْمَعِينَ عَنْ سَهْلً قَالَ: (خَرَجَ النَّبِيُّ
يَصْلُحُ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَحانت الصَّلَاة، فَجَاء بِلال
أَبا بَكْرٍ فَقَالَ: حبس النَّبِيُّ فتأم النَّاسُ، قَالَ: نَعَمْ إنْ
شِئْتُمْ فَأَقَام بِلَالٌ الصَّلَاةُ، فتقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فصلى، فجاء
النَّبِيَّ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يشقها شقا حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ
الْأَوَّلِ فأَخْذِ النَّاسَ بالتَصْفِيح وَكَانَ أَبِي بَكْرٍ لَا يُلْتَفَتُ فِي
صَلَاتِهِ، فلما أكثروا وَإِلتفَتَ فَإِذَا بِالنَّبِيّ فِي الصَّفِّ فأَشَارَ
إلَيْهِ مَكَانَه فَأَشَارَ إِلَيْهِ مَكَانَك فَرَّعَ أَبُو بَكْرٍ يدِيَّة
فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ رْجِع أي قهقر وراءه وَتَقَدّمَ النّبِيّ فصَلَّى، روى
مُسْلِمُ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَ أُسَامَة و بِلَال و عُثْمَانَ
بْنِ طَلْحَةَ الْحَاجِبَيْ فَأَغْلَقَها عَلَيْهِ ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا قَالَ
ابْنُ عُمَرَ:
فَسَأَلْتُ بِلَالا حِينَ خَرَجَ ماذا فعل رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ جَعْلُه
عَمُودَيْن عَنْ يَسَارِي وَعَمُود عَنْ يَمِينِهِ وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ
وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى
وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَسَيِّدُنَا
مُحَمَّدٌ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
تعليقات