هَلْ تَعْلَمُ لِمَاذَا أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ وَهَلْ يُوجَدُ فِي الْجَنَّةِ نَوْم؟
كُلُّنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا نطمح إلَى أَنْ نكُونَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ
الْمُخْلِصِين الموعودين بِغُفْرَان الذَنوب، وَلَكِنْ نيل الْجنةِ لَا يَكُونُ
بِهَذِهِ السُّهُولَةِ والبساطة، فنعيم الْجَنَّة كَبِير وعَظِيم و أَهْلِ
الْجَنَّةِ لَا يُصَلُّونَ إلَى كُلِّ هَذَا النَّعِيمَ فِي الْآخِرَةِ حَتَّى
يَتْعَب وَيَبْذل الْكَثِيرِ فِي الدُّنْيَا واللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أُعِدَّ
فِي الْجَنَّةِ مَالًا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خطر عَلَى قَلْبِ
بَشَرٍ.
هَلْ تَعْلَمُ لِمَاذَا أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ وَهَلْ يُوجَدُ فِي الْجَنَّةِ نَوْم؟ |
فِي هَذِهِ الْجَنّةَ يَدْخُلُ الْمُؤْمِنُون لِكَي يَتِنعْموا ويستمتعوا
بالملذات، وَتَكُون لِأَهْلِ الْجَنَّةِ صفات معينة فِي إشْكَالَهُم وَهَيْئَاتهُم
وشهواتهم فَهُم يَخْتَلِفُونَ فِي الْجَنَّةِ عَنْ حَالِهِم فِي الدُّنْيَا، وَ
أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا ينامون، فكَيْفَ
ذَلِكَ؟ وَمَا السَّبَبُ؟ لِمَعْرِفَة الإجابات تابعوا معنا مقالة اليوم.
قَالَ تَعَالَى: (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى
وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أَيْ إنْ أَهْلَ الْجَنَّةِ مُخَلَّدُون فِي هَذَا
النَّعِيمَ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ مَوْت مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ مَوْتِهِمْ
الْأُولَى الَّتِي لَحِقَتهِمْ فِي الدُّنْيَا، ولن يصيبنهم شَيْءٌ مِنْ
الْعَذَابِ كَمَا أُصِيب غَيْرِهِم، الْنوْم أَخُو الْمَوْتِ والجنة لَيْسَ فِيهَا
نوْم وَلَا مَوْت وَلَا مَرَضٍ وَلَا هرم ولا غموم وَلَا هُمُوم ولَا أَحْزَان ولا
غوب ولا بول وَلَا رَوَائِح كَرِيهَة وَلَيْس لِلنِّسَاء حَيْضٌ وَلَا نفاس وَلَا
غَل وَلَا حَقد وَلَا حَسَدَ، ينزع الغل من صدور المؤمنين قبل أن يدخلوا الجنة،
يقفون عَلَى قَنْطَرَةٍ بَعْدَ أَنْ يَتَجَاوَزَوا الصِّرَاط ويقتصون فِي مَا
بَيْنَهُمْ الْمَظَالِم الَّتِي بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَنْزِعُ الغل من صُدُورِهِمْ،
فيدخلون الْجَنَّةِ عَلَى غَايْة من الصَّفَاء قَالَ تَعَالَى:( وَنَزَعْنَا مَا
فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ) وَأَمَّا
قَوْلُهُ:( أَصْحَابِ
الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) يَعْنِي وَقْتُ
الْقَيْلُولَةِ وَالْمُرَاد الْوَقْتُ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ يَكونونَ فِي
الجَنْة، والمعنى أن اللَّهِ تَعَالَى يُحَاسَب الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَفْرُغ مِنْهُمْ فِي قَدْرِ مُنْتَصَف النَّهَار وَيَقُولُوا أهل الْجَنَّةِ
فِي الْجَنَّةِ (أَصْحَابِ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا
وَأَحْسَنُ مَقِيلًا)، والنوم أخو الْمَوْت وَالْجَنَّة لَيْسَ فِيهَا مَوْتٌ
لَيْسَ فِيهَا النوْم الَّذِي هو أخو الْمَوْت وَعَنْ عَوْفِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ
أَبِي جعفر عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ:( إنْ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَحْيَوْن فلاَ
يَمُوتُونَ أَبَدًا ويستيقظون فَلَا يَنَامُون أَبَدًا) و سَأَلْت
الْيهوْد نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: هَلْ يَنَامُ
رَبِّك؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ بِهَذِهِ الْآيَةِ :
(اللَّهُ
لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا
نَوْمٌ )ۚ،
فقَالُوا: هل ينام
أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنَامُونَ
لِأَنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ وَأَهْلُ الْجَنَّةِ لا يموتون، و كَذَلِك أهل
النار لَا يَمُوتُونَ لأنهُمْ يُعَذَّبُونَ دَائِمًا، ورد فِي الْحَدِيثِ صَحِيح
عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ
الجنة عَلَى هَيْئَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
جِمَالِهِمْ وضاءة وُجُوهٍهم، كَمَا روي أَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَى سُورَةٍ
سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، الذي أتاه الله شطر الحسن والْجَمَال،
إقتدت حِكْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ
وَاحِدَةٍ حَتَّى لَا يَكُونُ لِأَحَدِهم مِنْه إخْتَلِافِ عَنْ الْآخَرِ فَلَا
يَقُولُ أحدهم أنا أجمل من غَيْرِي، فالْجَنَّةِ لَا حَسَدَ فِيهَا وَلَا حُزْنًا
أو كَبِد.
و مِنْ الصِّفَاتِ الْجَسَدِيَّة الَّتِي
يَكُونُ عَلَيْهَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أنهم جرد وَمَعنى جِردِ أي لا تُغَطِّي
وَجْهِهَم وأجسادهم الشعر وأعينهم مكحلة أَيْ يعلوها الْكُحْل الَّذِي يزينها و
يَزِيدُهَا جَمَالًا، وَهُمْ لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَإِنَّمَا
تَرَشَّح فُضِّلَات أَجْسَادُهُم رِيحُا كريح الْمِسْك، يَزِيدُ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قُوَّةِ أَجْسَادُهُم وشهواتهم حَتَّى يَسْتَمِرَّ فِي
النَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَاَللَّذة الدَائِمة الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ وَهُمْ لَا
يعرفون النوم لأن النوم هو الْمَوْتَة الصُّغْرَى وَالْجنة لَا موت فِيهَا وَ هَذا
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِمْ.
تعليقات