القائمة الرئيسية

الصفحات

قَوْمٌ هربوا مِنْ الْوَبَاءِ فأهلكهم اللّهُ وَ أماتهم


قَوْمٌ هربوا مِنْ الْوَبَاءِ فأهلكهم اللّهُ وَ أماتهم


 سنتعْرِفُ اليوم على قِصَّةٍ قومِ أَصَابهمْ إبتلاء فَخَرَجُوا مِنْ ديارهم وكَانَ عَدَدِهِم بالألوف، خرجوا خوفا مِنْ الْمَوْتِ فَلِمَ يَنفعْهُم الخروج والْفرَارِ وَالْحَذَر، وأدركهم قدر الله الَّذِي خَرَجُوا حذرا منه وَلَمْ يَنفَعهم الإختباء مِنْ قَدْرِ الموت، وَلَمْ يَبذلوا جهدا في إسترجاع الْحَيَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ قَدْرُ اللَّهُ، وَلكن هذه القصة غريبة جدا   فتابعوا معنا.
قوم هربوا من الوباء فلماذا أرسل الله لهم هذا المرض  ما هو المرض الذي أرسله الله الي هذا القوم هروب قوم من وباء سيدمر حياتهم
قَوْمٌ هربوا مِنْ الْوَبَاءِ فأهلكهم اللّهُ وَ أماتهم


القصة:

قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) سُورَةِ الْبَقَرَةِ الْآيَة الثالثة وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ الثانية، كانت قرية يقَالُ لَهَا داوردان قَبْل وَاثِق وقع بها الطاعون فهرب عَامَّةُ أَهْلِهَا فنزلوا ناحية منها فهلَكَ مَنْ بقي في القرية وسلم الآخرون، فلم يمت منهم الكثير، فَلَمَّا إرتفع الطاعون رَجَعُوا سالمين فمن بقوا على قيد الحياة قَالوا أَصْحَابنا هؤلاء كانوا أحزم منا لو صنعنا كما صنعوا بقينا ولإن وقع الطاعون ثَانِيَة لَنَخْرُجَنّ مَعَهُم، فوقع في قابل ظهره وكانوا بضعة وثلاثين ألفا حتى نزلوا ذَلِكَ الْمَكَانِ وهو وَادِي أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخِر من أعلاه، قال موتوا فماتوا حَتَّى إذَا هَلَكوا وَبقِيت أَجْسَادُهُم، وبعد هذه الحالة  مَرَّ بهم نَبِيَّ يقَالَ لَهُ "حزقيل" فلما رآهم وَقَفَ عَلَيْهِم فجعل يتفكر فِيهِم وَيَلِوي شدقيه وأَصَابِعِهِ، فأوحى الله إليه تريد أن أريك كيف أحييهم؟ قال: نعم، وإنما كان تفكره أنه تعجب مِنْ قَدْرِهِ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فقيل له نَادي فنادى يا أَيَّتُهَا الْعظام إن الله يأمرك أن تجتمعي، فالْعِظَامِ اِسْتِجَابَت لنداء ربها فتطاير بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ حَتَّى كانت أجسادا من عظام، ثم أوحى الله إليه أن نادي يَا أَيّتهَا الْعِظَامُ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تكتسي لحما، فأكتست لحما ودما وثيابها التي ماتت فيها، ثم قيل له نادي فنادى أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي فقاموا، قالوا حينما أَحْيَاهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لاَ إلَهَ إلَّا أَنْتَ فرَجِعُوا إلى قومهم أحياء يعرفون أَنَّهُمْ كَانُوا مَوْتَا و سحنة  الموْت عَلَى وُجوههم لا يلبسون ثوبا إلا عاد كفنا دسما حتي ماتوا لآجلهم التي كتبت لهم.

 كم كَانَ عَدَدُ هَؤُلاءِ القَوْم وأَيْن مَكَان تواجدهم؟


قَالَ عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنهم كَانُوا 4000 وَعَنْه 8000 فيما أحْصَاهم أبي صَالِح 9000، وعن بن عباس رضي اللَّهِ عَنْهُ أَيْضًا كانوا40000 ، وَعَنْ سَعِيدٍ بن عَبْدُ الْعَزيز كانوا من أهل أزروعات فِي سُورِيا حَالِيًا، وقال محمد بن إسحاق عَاوَد الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ حزقيل قائلا: ولم يذكر لنا مدة مكث حزقيل فِي بَنِي إسْرَائِيلَ، ثُمّ إنَّ اللَّهَ قَبَضَه إلَيهِ، فلما قبض نسي بنو إسْرَائِيل عَهْدَ اللَّهِ إلَيْهِم وَ عَظَمَةَ فيهم الأَحْدَاثِ وَعَبدوا الأوثان، وَكان فِي جُمْلَةِ ما يعبدونه  مِنْ الْأصنام صنم يقَالَ له "بعل"، وقال الْعُلَمَاءُ في ذكر لهذه القصة  قَالَ العالم ابْنُ الْكَلْبي وَالْعَالِم مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَالْعَالِم الْمَلِك الضَّحَّاكُ أَنْ مَلك من ملوك بَنِي إسْرَائِيلَ أَمر هؤلاء القوم أن يَخْرُجوا إلَى قِتَالِ الْعَدُوِّهم فعسكروا ثم جبنوا وكرهوا الموت، فأعتلوا وقالوا لملكهم إن الأرض التي تأتينا بها الوباء فلا نأتيها حتى ينقطع منها الوباء، فأرسل الله عليهم الموت  وخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فرارا مِنْ الْمَوْتِ، فَلَمَّا رَأَى الملك ذَلِكَ قَالَ اللهم رب يعقوب وإله موسى قد ترى معصية عبادك فأرهم آية في أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يعْلَموا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الفرار منك، فَلَمَّا خَرَجوا قَالَ لَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى موتوا عقوبة لهُمْ فماتوا جَمِيعًا و مَاتت دَّوَابهم كموت رَجُل وَاحِد، فأتى  عَلَيْهِم ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حَتّى إنتفخوا فخرجَ إِلَيْهِمْ النَّاسِ فعجزوا عن دفنهم، فحظروا عليهم حظيرة  وَتَرَكُوهم فيها، وَيَقْص الله تَعَالَى عَلَيْنَا قِصَّةِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ عَلَى كَثْرَتِهِمْ وَإتِفَاق مقاصدهم بأن الَّذِي أَخْرَجَهُم مِنْهَا حَذَرَ الْمَوْتِ مِنْ وباء كان وقع وَقْتِهَا أَوْ غَيْرَ وَيُقْصَدُون بِهَذَا الْخُرُوجَ السَّلَامَةِ مِنْ الْمَوت، وَلَكِنْ لايغني حذر عن قدر، فقَالَ لَهُمْ اللَّهُ موتوا فماتوا، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ بَيان لِآيَاته لخلقه بإحياء الموتى، وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنْ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ)سُورَةِ يُونُسَ، فلَا تزيدهم النعمة شكرا بل ربما إستعانوا بنعم الله عَلَى مَعَاصِيهِ، ففِي هذه الْآيَة دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَسْبَابَ لَا تَنْفَعُ مَعَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرُ خصوصا الْأَسْبَابِ الَّتِي تترك بها أَوامرَ اللَّهُ وفِيهَا اللَّهِ الآية الْعَظِيمِة بإحياء الموتى أَعيانا فِي هَذِهِ الدّار، ويبين سُبْحَانَهُ أَنْ الْفِرَارِ مِنْ الْمَوْتِ لَا يَمْنَعُ الموْت و لَا يَمْنَعُ مِنْ قَدْرِ اللَّهُ شيء، هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع