لِمَاذَا حَذِرَنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَرْأَةِ لِيلَّا ؟
لنَا فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأسوة
الحسَنَةٍ، فهو لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إلَّا وَحْيٌ يُوحَى فعلينا اتباع
تعاليمه وسنته وَالْبَعْد عُمَّا نهَى عَنْهُ لمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ عَلَى
الْإِنْسَانِ، وَلذَلِك عَليْنا التَسْمِيَة وَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى قَبْلَ فعل
أي شيء للمُبَارَكَة، لكن لماذا حذرنا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَرْأَةِ لِيلَّا؟ و مَا هِيَ حَقِيقَة تَحْذير
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ بِخُصُوص عَدَمِ النَّظَرِ إلى المرآة؟ وكيف يُمْكِنُ أَنْ
يَجْعَلَكِ النَّظَرِ فِي الْمَرْأَةِ لِيلَّا معرض إلى الخطر وبشدة؟ و مَا هُوَ
قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَعُلَمَاء النفس في ذلك؟
لِمَاذَا حَذِرَنَا الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَرْأَةِ لِيلَّا ؟ |
إن النظر في المرآة عِنْدَ الْأنثى أمر الطَّبِيعِيّ فهو يجعلها تشعر
بأنوثتها، وَلَكِنْ كَثْرَةُ النَّظَرِ فِي الْمَرْأَةِ وعِنْدَمَا يُصْبِح شغفا
يرضي غرورها أو يحولها إلى شخصية غير طَبِيعِيَّةٌ، وَهُنَا يَكُون الخَطَر ففي
هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ تَنْتَقِلُ مِنْ الطَّبِيعِيَّ إلَى الشَّاذَّ وغير المرغوب
ويصبح أَمراً مَكْرُوهًا، فلَقَدْ قَالَ عُلَمَاءُ الدَّيْنِ عَنْ تَحْذِيرٍ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن النَّظرِ فِي الْمرآة ليلا ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَنظرَ فِيهَا فعليه
أن يذكر اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَ يَقُولَ "بِسْمِ اللَّهِ
اللَّهُمَّ حَسِنْ خَلْقِي كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي وَحَرِّمْ وَجْهِي عَلَى
النَّار، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّظَرَ في المرآة ليلا وبكثرة قد يُؤَدِّي إلَى
حَالَةٍ الْمَس وحَالَات الْعِشْق مِنْ الْجِنِّ لِلْإِنْسَان وَيَفْضُل عَدَم
النظر في المرأة بكثرة عموما وَلَيْسَ فِي اللَّيْلِ فقط لأنه يعرض للإصابة
بالأمراض الرُوحِية وفي هذا الكلام السابق استند فيه إلَى أَحَادِيثِ مكذوبة، هَذَا الْحَدِيثِ وراه
ابن السني في عمل اليوم واللَّيْلَة من طريق الحسين بن أبي السري فإن مُحَمَّد
الْفَضْلِيّ عَن عَبْدٌ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق عَن النعمان بْنُ سعد عن على أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كان إذا نظر وجهه في المرأة قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي
فَحَسِّنْ خُلُقِي)، وهَذَا إسناد الْمَوْضُوعُ ابن أبي السري كَذَاب كذبه
أَبُو عَرُوبَةَ وَكذِبه أَخُوه مُحَمَّدُ وَروَاه أبو عَلَى من طَرِيقَ ابن السري فِي عَمَلِ اليوم والليلة
حدثنا عمرو بن حصين حدثنا يحي ابن العلاء عنابن صفوان بن سليم عن عَطَاءِ بْنِ
يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:( كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذا نظر في المرآة، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حسَنَ خَلْقِي
وَخُلُقِي وزان منى مَاشان مِنْ غَيْرِي) و يَحْيَى بْنُ
الْعَلاءِ قَالَ أَحْمَدُ كذاب يضع الحديث.
ولكن هل يعني ذلك أن كثرة النَّظَرُ في الْمَرْأَةِ لَا يُسَبِّبُ أَي مُشْكِلَةٌ؟
بالطبع لا، الْمَرْأَة بلا شك أمر مهم لِلنِّسَاءِ، حتى ترى درجة جمالها
وكثيرات مِنْ النِّسَاءِ تعتبرها رَفِيقَتَهَا أَيْنَما ذَهَبَتْ، حتى أن بعض
النساء لا تَفَارُّقُ حقيبتها الْمَرْأَةِ، فهي الوسيلة الوحيدة التي تطمئن
الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تَبْدُو جَمِيلَة لِتَزيد من ثِقَتها بِنَفْسِهَا وتفضل
دَائِمًا إنْ تَنْظُرَ إلَى نَفْسِهَا وَمُظْهِرُهَا طُوال الْوَقْت، قال ابن الْقَيمِ "فِي كتابه القيم
زَادِ الْمَعَادِ فِي بَاب الطّبَ وَرَأَيْة لابن ماسويه فصلا في كتاب المحاذير
نقلته بلفظه قال: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ الْأَرْبَعِين يوما وكلف فَلَا
يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ وَمَنْ نَظَرَ فِي الْمَرْأَةِ لِيلَّا فَأَصَابَه لقوة
فأصابه لقوة أو أصابه داء، فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ وطبقا لعُلَمَاء
النَّفْسِ إطالة النظر في المرأة لا تَسَبَّب مس جني أو جْنُونُ، لَكِن نَظْرَةً
في المرأة عدة ثواني أَوْ دَقَائِق هو شيء طَبِيعِيٌّ، وَلَكِنْ يحذر الأطباء من
الإطالة في النظر إلَى الْمَرْأَةِ مخافة أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مَرَضٍ نَّفْسِيّ
يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ "إضطراب تشوه الجسد" والأغرب
أَنَّ بَعْضَ علماء البراسيكولوجي أو ما وراء الطَّبيعِيَّات يؤكدون أن المرأة لها
ذاكرة خَاصَّةً وَأَنَّ المرايا من الممكن أن تحْتَفَظ فِي ذاكرتها بالطَّاقَة الْإِيجَابِيَّة
وَالسَّلْبِيَّة، وبعد ذلك تقوم ببثها مرة أخرى لمن يقف أمامها، أي أن المرايا
الَّتِي يحدث أمامها أمور جيدة تَبْعَث الطَّاقَة الْإِيجَابِيَّة بِمَعنى هي تبث
لك بمَا كُنْت تُشْعِر به طُوال فَتْرَة نظرِك فِيهَا، أما لو حدث أمامها أمور
سيئة فتبدأ ببعث طاقة سلبية وبالتالي يوضح علماء النفس بألا تَنْظُرْ إلَى نَفْسِك
فِي الْمرأة إلَا لَوْ كانت حَالَتِك النَّفْسِيَّة جيدة، حتى عندما تشعر بالحزن
تبعث المرأة بالطَّاقَة الْإِيجَابِيَّة الَّتِي تَزِييل عَنْك الإكتئاب.
أما بالنسبة إلى إضطراب تشوه الجسد،
الذي ينجم عن كَثْرَةِ النظر فِي المرأة، فهو صنف من أصناف إضطراب الوسواس القهري،
وهذا يعاني الفرد من شعوره في نقص أو عيب في شكلِهِ يدفعه بأَنْ يُطِيلَ النَّظَرِ
فِي شكله باحثا عن هذا العيب وعن طَّرِيقَة معينة لإخفائه، فما نظر إلى صَاحِبِ
هَذَا الْمَرَضِ فِي الْمَرأة يجد شيئا ما يصرخ دَاخِله بِأَنَّهُ لَعين ومشوه،
وقد يدفعه إلى مقارنة نفسه بغَيِّره فتسوء حَالَتِهَ النَّفْسِيَّة، وَلَكِن علينا
الْحَرَص وَالْحَذَرُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( إنْ الْعَبْدَ
لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يلقي لَهَا بالا يرفعه
الله بها درجات وَإِنْ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ
لَا يُلقي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ) هذا والله تعالى
أعلم، وصلى اللَّهِ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات