القائمة الرئيسية

الصفحات

لِمَاذَا تَنْتَفِخ بَطْنِ الْمَيِّتِ ويَسْوَدَّ وَجْهُهُ؟ مَاذَا يُحَدِّث دَاخِلِ الْقَبْرِ ؟


لِمَاذَا تَنْتَفِخ بَطْنِ الْمَيِّتِ ويَسْوَدَّ وَجْهُهُ؟ مَاذَا يُحَدِّث دَاخِلِ الْقَبْرِ ؟


أتيت القبور فَسَأَلْتُهَا أَيْن الْمُعْظَم والمحتقر وَأَيْن الْمُذْل بسُلْطَانِة وَأين القوي عَلِى مَا قَدِرُ، تفَانوا جَمِيعًا فمَا مَخْبِرٌ وماتوا جَمِيعًا وَمَات الْخَبَرِ، فيا سألي عَن أناس مضوا آمَا لَك فِيمَا مضى مُعْتُبِر، تَرُوح وَتَغْدُو بَنَات الثَّرَى فتمحو محاسن تلك الصور، فأرقت موضع مرقدي يَوْمًا ففارقني السُّكُون الْقَبْرَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ بِاَللَّه قُلْ لِي مَا يَكُونُ.
ماذا ينتفخ بطن الميت
لِمَاذَا تَنْتَفِخ بَطْنِ الْمَيِّتِ ويَسْوَدَّ وَجْهُهُ؟ مَاذَا يُحَدِّث دَاخِلِ الْقَبْرِ ؟



فالموت حَالَة لاَبُدَّ أَنْ يعيشها كُلُّ إنْسَانٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )، فتخرج الرُّوحُ مِنْ جَسَدٍ الإِنْسَانِ الفانِي وَتَنْتَقِل هَذِه الرُّوح إِلَى الْعَالِمِ البرزخي وَهُوَ عَالِمٌ لَا نَعْلَمُ مَا يَدُورُ فِيهِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ تَعَالَى:(  وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ)، وعن وهب بن الْوَرْدِ قَالَ:( بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا فقيها دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَتبَيْنَت ذَلِكَ فِعَلّاً، فَقَالَ لَهُ: الْأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَال له عمر: يا فلان أَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتنِي بَعْدَ ثَلَاثٍ وَقَدْ أَدْخَلْتُ قَبْرِي وَقَدْ خَرَجَتْ الحَدَقَتَان فَسالَتا عَلَى الْخَدَّايْنِ وتقلصت الشفتان عَنْ الْأَسْنَانِ وفَتْحُ الْفَمِ ونتأ البطن فعلا الصَّدْر وَخُرُوج الصَّدِيدُ مِنْ الدُّبُرِ) وَكَان يزيد الرقاشي يقول لنفسه ويحك  يَا يَزِيدُ من ذا يُصَلِّي عَنْك بَعْدَ الْمَوْتِ، مِنْ ذَا يَصُوم عَنْك بَعْدَ الْمَوْتِ، مِنْ ذا يتَرَضَى عَنكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمّ يقول أَيُّهَا النَّاسُ ألا تبكون وتنوحون عَلَى أَنْفُسِكُمْ بَاقِي حَيَاتِكُم مِنْ الْمَوْتِ مَوْعِدِه وَالْقَبْر بَيْتِه وَالثَّرَى فِرَاشِه وَالدُّود أُنَيْسَه وَهُوَ مَعَ هَذَا يَنْتَظِر الفزع الأكبر كيف يكون حَالِهِ؟ ثُمَّ بَكَى رَحِمَهُ اللَّهُ، فَمَاذَا أَعْدَدْت لِأَوَّل لَيْلَة تَبِيتُهَا فِي قَبْرَك؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهَا لَيْلَةُ شَدِيدَةُ بَكَى مَنْها العلماء، وشكى مَنْهَا الْحُكَمَاء، وَشَمَر لَهَا الصَّالِحُون الْأَتْقِيَاء، رُوي عَنْ عَلِيٍّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "يَا عِبَادَ اللَّهِ المَوْت المَوْت فلَيْسَ مِنْهُ فوت، إنَّ أقَمْتم له آخُذُكُم، وإن فررتم مِنْه آدرَكَكُم، الْمَوْت مَعْقُودٌ بنواصيكم فالنَّجَاة النَّجَاة، الواحا الواحَا فَإِنَّ وَرَائكَم طَالِبًا حَثِيثًا وَهُوَ الْقَبْرُ، ألا وإنْ الْقَبْرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حَفَرَ النِّيرَانِ ألا وإنه يَتَكَلَّمُ فِي كُلُّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَقُولُ: أَنَا بَيْت الظَّلَمَة أَنَا بَيْت الْوَحْشَة أَنَا بَيْت الدِّيدَان، ألا وَإن وَرَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَوْما أَشَدِّ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ، يوما يشيب فِيهِ الصَّغِيرُ ويسكر فِيهِ الْكَبِيرُ، (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وماهم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدُ)،
علامات تدل على أن الشخص المحتضر توفي:
 و هُنَاكَ عَلَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي يَحْتَضِر توفي، وَمِنْهَا شُخُوص الْبَصَرِ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:( دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أبي سلمة وقد شق بصره فَأغَمْضَه، ثُمَّ قَالَ إنْ الرُّوحَ إِذَا قَبَضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ، وإلتفاف فِي السَّاقَيْنِ عَلَى بَعْضُهُمَا فَقَالَ تَعَالَى:( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)، لذلك أوصنا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُرْعَة دَفِنَ الْمَيِّتُ وَأَن إكرَامَه بالدفن، حَيْث تَبْدَأ الْجثة بَعْدَ الْوَفَاةِ بعَمَلِيَّة التَّحلل، وَمَن المراحل الَّتِي تَمُرُّ بِهَا الْجُثة اِنْتِفاخُ البَطْنِ وَذلك يُحْدِثْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ إلَى أُسْبُوع و يَكُونُ بسَبَبِ الغازات فِي الْجِسْمِ الَّتي تُحُدِّثَ بَعْد تحلل خَلَايَا وأنسجة الْجِسْم بِفِعْل الدِّيدَان وَالْحَشَرَات الصَّغِيرَةِ الَّتِي أَوْكَلُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَذِه الْمَهَمَّة، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِن تك صَالِحةً فخيرٌ تُقَدِّمُونَهَا و أَنْ يك سوى ذَلِكَ فَشَرٌ تضعونه عِنْ رِقَابِكُم)، و هُناك من يربط سَبَبُ الِانْتِفَاخ بسُوءُ الْخَاتِمَةِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْخَاتِمَةِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ إذَا رُبَّمَا تَكُونُ هَذِهِ النَّفخة بِسَبَبِ مَرَضٍ مُعَيَّن لا يعلمه إلا اللَّه، وَهُنَاكَ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوضَعَ شَيْءَ عَلَى بَطْنِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَنْتَفِخُ مسْتَدَلين عَلَى ذَلِكَ مِنْ قول ابْنِ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ (وَيُجْعَلُ الميت عَلَى سَرِيرِ أَو لوح حَتّى لَا تُصِيبُه نداوة الْأَرْضِ فَتَغَيْرِه وَيُترَك عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةٌ حتى لاينتفخ بطنه، وَيُمْكِن وَضَع الْجُثَّة فِي دَاخِلِ الثَّلاجَة إذا أضطر تَأْخِير دَفْنِه فإن دَرَجَات الْحَرَارَة الْمُنْخَفِضَة جِدًّا تَعْمَلُ عَلَى تَأْخِيرِ عَمَلِيَّة التَّحَلُّل، وَلَكِنْ فِي النِّهَايَةِ سَوْف يتَحَلّل هَذَا الْجِسْمِ ويختفي  ولا يتبقى منه سوى عَظَمَةِ وَاحِدَةً فَقَطْ مَوْجُودَةٌ فِي أَسْفَلِ الْعَمُود الفقري وَهِيَ الَّتِي يُعَاد مِنْهَا الْخَلْق بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهي عَظْمُة عَجَبُ الذَّنَبِ، حيث قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( كُلُّ بَنِي آدَمَ تَأْكُل الْأَرْض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب)، حَيْث أَظْهَرَت البُحُوثِ العِلْمِيَّةِ أَنَّ الشيفرة الوراثية  للْإِنْسَان مَحْفُوظَة بِدَاخِل هَذَا العُنْصُر الصَّغِيرَة فسُبْحَانَ اللَّهِ الْعَزيز الجبار، فاللهم أَحْسَن خاتمتنا وَلَا تَقْبِضنا إلَّا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ، هذا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع