قِصَّة الْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ لَهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَمَاذَا فَعَلَ مَعَها النَّبِيِّ ؟
اليوم سنروي لكم قصة مُمَيِّزَة قَدْ
يَقرأها الْبَعْض لأَوَّلَ مَرَّةٍ، وقد يستغربها الْبَعْضِ الْآخَرِ، فهِيَ
قِصَّة تذهل العقول، فهي قِصَّة الْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم وإستَعِاذت مِنْهُ فَكَيْف تستعيذ من رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قِصَّة الْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ لَهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَمَاذَا فَعَلَ مَعَها النَّبِيِّ ؟ |
روى الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الْإِمَامِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ:( سَأَلْتُ الزهري
أي أزْوَاج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إستَعَاذت مِنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا
أُدَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا
مِنْهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، فَقَالَ لَهَا لَقَدْ عذت بعظيم
إلحقي بأَهْلِك)
و رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:( خَرَجْنَا مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حائط
يقَالُ لَهُ الشَّوْط حَتّى انْتَهَيْنَا إلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا
بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إجْلِسُوا
هَاهُنَا وَدَخَل وَقَدْ أُتي بالجونية فأُنزَلَتْ فِي بَيْتِ فِي نَخْلٍ فِي
بَيْتِ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعها دَايَتُهَا
حَاضِنَة لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: هبي نفسك لِي، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ
الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ، قَالَ: فَأهْوَى بِيَدِهِ
يَضَعُ يَدَهُ عَلَيها لتسكن، فقَالَت أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، فَقَالَ: لَقَدْ عُذْت
بِمَعَاذٍ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: يَا أَبَا
أُسَيِّدٍ أُكْسُها رازقيتِّين وألحقها بأَهْلِهَا، ذكر أهل الْعِلْمِ أن سبب
إستعاذتها هُو تكبرها وَغُرُورِهَا، حَيْثُ كَانَتْ جَمِيلَةً و فِي بَيْتِ مِنْ
بُيُوتِ مُلُوكِ الْعَرَبِ و كَنَت تَرْغَب الزَّوَاج بِمَنْ لَيْسَ مِلْكًا
فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَبِي نَفْسَك
لِي، قَالَتْ:
وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ الَّذِين يَمْلِكَهَم
الْمَلِكُ، يسوقهم فيساقون إليه وَيَصْرِفَهم
عَلَى مُرَادِهِ وَهَذَا كَانَ مِنْ بَقِيَّةِ مَا فِيهَا مِنْ
الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خُيِّرَ إنْ
يَكُونَ مِلْكًا نَّبِيا فَأخْتَار أَنْ
يَكُونَ عَبْدًا نَبِيّا تَوَاضُعا مِنْه لرَبِّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَأَخِذْهَا
النَّبِيّ بكَلَامُهَا، وروى عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:( ذكر لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ فأَمَر أبا أُسَيْدٍ السّاعِدِيّ
أَنَّ يُرْسِلَ إلَيْهَا فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَقَدِمَت فنَزَلَتْ فِي أجم بَنِي
سَاعِدَة، فخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَهَا
فدَخَلَ عَلَيْهَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَكِسةٌ رأسها فَلَم كَلَّمَهَا النَّبِيّ
قَالَتْ: أَعُوذُ
بِاَللَّهِ مِنْك، فقال: قد أَعْذتُكِ
مِنِّي، فَقَالُوا لَهَا: أَتَدْرِين مِنْ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا قَالُوا: هَذَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء ليَخْطُبُك قَالَتْ: كُنْت أَنَا أشقي
من ذلك، فأَقْبَلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَتّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هو
وَأَصْحَابِهِ ثُمّ قَالَ إسقنا يا سهل فَخَرَجْت لَهُمْ بِهَذا الْقِدْح فأسقيتهم
فيه، فَأَخْرج لَنَا سهل ذَلِكَ الْقَدَح فَشَرِبْنَا مِنْهُ، قَالَ: ثم إستوهبه
عُمَرُ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوهبه له، هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ
عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا لَهَا: أتَدْرِين مِنْ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا أَعْلَمُ
فَلهذا خاطَبَته بهذا الكلام وعن بن عباس رضي اللَّهِ عَنْهُمَا قَالَ:( تَزَوَّجَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ بِنْتِ النُّعْمَانِ
و كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ أَهْل زَمَانهَا وأشبِهِمْ قَالَ فَلَمَّا جَعل رَسُولِ
اللَّهِ يَتَزَوَّج الْغَرَائِب قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ وَضَعَ
يَدَهُ فِي الْغَرَائِبِ يُشِكْن أَنْ يَصْرِفَن وجهه عَنا وَكَانَ خَطَبَهَا حِين
وَافَدت كندة عَلَيْهِ إلَى أَبِيهَا، فَلَمَّا رَآهَا نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسدنها فقلن لَهَا إنْ أردتي أن تَحْظَى عِنْدَه
فَتَعَوَّذِ بِاَللَّهِ مِنْهُ إذَا دَخَلَ عَلَيك فلَمَّا دَخَلُ وألقى الستر مد
يده إليها فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك)، فيذكر بَعْضُ
أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ السَّبَبَ فِي إستعاذتِهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غَرْهَا بِهِ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ حيث أوهموها أن النبي يحب
هَذِهِ الْكَلِمَةِ، فقَالَتْهَا رَغْبَةٌ فِي التَّقَرُّبِ إلَيْهِ وَهِيَ لَا
تَدْرِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيعيذها مِنْ
نَفْسِهِ بِالْفِرَاق أَن سمعها منها، فَقِيلَ لَهَا هُوَ أحظى لك عِنْدَهُ وَلَمْ
تَسْتَعذ مِنْهُ امِرْأة غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا خدعت لما رُؤْيَ مِنْ جَمَالِهَا
وَهَيْئَاتِهَا وَلَقَدْ ذُكِرَ لرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى مَا قَالَت لرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُن
صواحب يُوسُف، فَهَذَا مَا وَرَدَ فِي
هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي أَحَادِيث وَتَفْسير الْأَهْلِ الْعِلم هذَا مَا تَحْصَلَ
ذَكَرَهُ مِنْ أَسْبَابِ جَاءَتْ بِهَا الروايات وَكَلَام أَهْل الْعَلم وَكَّلَه
يَدُلُّ عَلَى كَرِيم أَخْلَاقِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث لَمْ
يَكُنْ يَرْضَى أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ يُشْعِر أَنَّهَا لَا تَرْغَبه وَكَانَ يأبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَذًا فِي نَفْسِهِ أَوْ
مَالِهِ . هَذَا
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات