القائمة الرئيسية

الصفحات

مَتَى وَأَيْن وَكَيْف يَقْبِضَ اللَّهُ رَوْحٌ إبْلِيس الشَّيْطَان ؟


مَتَى وَأَيْن وَكَيْف يَقْبِضَ اللَّهُ رَوْحٌ إبْلِيس الشَّيْطَان ؟


 مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَهْتَمَّ بِها الْمُسْلِمُونَ يُسألُّون عَنْهَا، مَتَى وكيف يَمُوت الشَّيْطَان؟
إن من سُنَّةُ اللَّهِ فِي خَلْقِ الْإِنْسَانَ أن يبتليه ويختبره ليمحِصَّه، قال تَعَالَى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، وكام مما ابتلانا اللَّهُ بِهِ إبْلِيسُ لَعنهُ الله، فجعلها للَّهُ مِنْ الْمُنْظَرِينَ إلَى يَوْمِ وَقْتِ مَعْلُومِ يصد عنَّ الْخَيْرَ وَيَأْمُرُ بِالشِّر وَينِهي عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَأْمُرَ بالمنكر، فصَدَقَةٌ من صَدَقَةٌ واتبعه خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، فضل وَأضل وَكَانَ إبليس قد تعهد أَنَّ يَستَّأصِلَ ذُرِّيَّة آدَم بالضلّال، فكان إبليس أَطْوَل من فِي الْأَرْضِ عِمْرَا، فمكس فِيهَا مِنْ أَوَّلِ الْبَشَرِ مِع أَدَمٍ وسيبقى إلَى قِيامَ الساعة لَا يَمُوتُ، وَهُنَاك أَخَذ صَحِيحة و أُخْرَى مشكوك في صحتها سَوْف نعْرَضها لَكُم من خلال مقالنا اليوم.

متى يموت الشيطان
مَتَى وَأَيْن وَكَيْف يَقْبِضَ اللَّهُ رَوْحٌ إبْلِيس الشَّيْطَان ؟


    أَوَّلًا الْأَحَادِيثِ الْمَشْكُوكِ فِي صِحَّتِهَا : 

يَقُولُ أحنفُ بْنُ قَيْسٍ: قدمت الْمَدِينَةَ وَ أَنَا أُرِيدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَإِذَا أنا بحَلْقِة عَظِيمًة فَإِذَا بِكعب يُحَدِّثُ النَاس، يَقُولُ: بِمَا حضرَ آدم الْوَفَاة قَال: يَا رَب سيشمت بِي عُدوِيٌ إذَا رَأَني مَيِّتا، وهو منظر إلى الموقت المعلوم، فقيل له: يا آدم أَنَّكَ تُرِيدُ الْجنة وَيُؤَخِّر الْمعُلْوم إلَيّ نَظَرِة ليذوق بعَدَد الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ أَلم  المَوْتِ، ثم قال آدم لمَلَكُ الْمَوْتِ: صفْ لِي كيف تذيقه الْمَوْتُ؟ فلما وصفه، قَالَ آدَمُ: رَبي حِسبِّي حِسبِّي، فضج الناس وَقَالُوا يَا أَبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْف يَذوق الْمَوْتَ؟ فَأبى أَنْ يَقُولَ، فألحوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: إنَّهُ إذَا كَانَ آخِرُ الدُّنْيَا وقربت النَّفْخَة فَإِذَا النَّاسُ قِيَامَ فِي أَسوَاقهُم وهم يتخاصمون ويتاجرون وَيَتَحَدّثُون إذَا بِهدة عَظِيمٌة يصعق فيها نصف الخلائق فلا يَفيقُونَ مِنْهَا مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، والنصف الْبَاقِيَ مِنْ النَّاسِ تذهب عقولهم فيبكون مدهوشين قُياما عَلَى أَرْجُلِهِمْ كَالْغَنَم الْفَزَع عِنْدَمَا ترى سبعا، فبَيْنَمَا النَّاسُ فِي هَذَا الْهوَّلُ إذ هم بهذه بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ غليظة كصوت الرعد القاصف فلا يبقى أحد على ظهرها إلا مات، فتَفْنَى الدُّنْيَا وَلَا يَبْقَى آدَمَي وَلَا جُنَيْ وَلَا شيطان ولا وحش ولا دابة، فهَذِهِ النظرة الْمَعْلُومَة الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ إبْلِيس، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ لِمِلْك الْمَوْت وَإِنِّي خُلِقَت لَك بِعَدَد الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ أعوانا وجعلت فيك قُوَّة أَهْل السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ إنِّي أَلْبَسك الْيَوْمَ أَثواب الْغَضَب وَالسَّخَط كُلُّها فأنزل بسخَطِي وغضبي إلى ملعوني إبليس، فأذاقه الموت وأَحْمَل عَلَيْهِ مِن الْمَوْتِ مَرَارت الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَلَكِنْ مَعَ الزبانية سلسلة من سلاسل لظى وأنزع  رُوحِه الْمُنْتن بِسَبْعِينَ أَلْفَ كَلِابةٍ من كَلاليبَ لظى، وَنَادَى ملَك ليُفْتَحُ أَبْوَابُ النِّيرَان، فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إلَيْهِ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ السبع وَالْأَراضِين السبع لذَّهَبوا كُلُّهُمْ مِنْ هوَّلِ رُؤْيَةِ مَلَكُ الْمَوْتِ، فإِذْا إنتهى إلَى إبْلِيسَ فزجره زجرة إذَا هوَ صَاتْ مِنْهَا وَنخر نخِرَة لو سمعه أَهْلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لصعقوا مِنْهَا ومَلَكٌ الْمَوْتِ وَيَقُول: قف يا خَبِيث لَأذيقنك اليوم الموت بعدد ما أغويت، كم من عمر أدركته؟ وكم قرون أضللت؟ وَكَمْ مِنْ قَرْناء لك بسَوَاءِ الْجَحِيم يُقَارِنوك، وَهَذَا الْوَقْت الْمَعْلوم الَّذِي بَيْنَك وبين الله إلى أين تغرب؟ فيغرب الشّيْطَانُ إلَى الْمَشْرِقِ فَإِذَا مَلَكَ الْمَوْتِ وَبَيْن عينيه، فيغوص فِي الْبِحَارِ فإذَا هوَ بمَلَكُ الْمَوْتِ فِترميه الْبِحَار فلا تقبله، فلا يزال يهرب فِي الْأَرْضِ وَلَا مَحيص ولا منجي له ولا منجى، ثم يَقُولُ فِي وَسَطِ الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْر آدَم وَيَقُولُ: مَنْ أَجَلِك يَا آدَمُ حولتَ مَلْعُونٌ، فياليتك لم تخلَق، فيقول لِمِلْك الْمَوْتِ: بأي كأس تسقيني (يعني بأَيِّ عذاب تَقْبِض رُوحِي)، فيقول مَلَكُ الْمَوْتِ: بِكأس أهل لظى وأهل صقر والنار والجحيم أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، قَالَ: إبليس يتمرغ فِي التُّرَابِ مَرَّةً ويصيح أُخْرَى وَيَهْرُب مَرَّةٍ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ ومِنْ الْمَغْرِبِ إلى المشرق، حَتَّى إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَهبط فِيهِ لعن، وقد نصبت لَهُ الزَّبَانِيَة الْكَلَالِيب حَتَّى إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أهبط  فِيهِ لعن، وقد  نَصّبت له الزبانية  الْكَلَالِيب وَصَارَتْ الْأَرْض كالمجرة  وتحتويه الزَّبانِيَّة فيطعنونه بالْكَلَالِيب  فِيكون في الْنزعِ والعذاب إلى مَا شَاءَ اللَّهُ، وَيقَالُ لِآدم وحواء: اطلعا اليوم عَلَى عَدُوِّكمَا وَإِنظرَا كَيْف يذوق الموت، فَإِذَا نَظَرا ما هُوَ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ وَالْمَوْت قَالَا: رَبَّنَا قد أتممت عَلَيْنَا النِّعْمَةِ.

    ثانيا وَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ: 

قَالَ تَعَالَى:( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ  قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ  قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ)، ويدل ظَّاهِرُ هَذِهِ الْأَيات وَغَيْرِهَا أَنَ إبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهِ أنْظرُه إلَيَّ أجل، والإنظار مَعْنَاه التَّأْخِير فَأَخَّرَه لَه يَوْمَيْن مَعلوم عِنْدَهُ لا يعلمه غَيْرِه، وكان إبليس قد سأل الله أن يآخِرَهُ قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)، وقد إختلف العلماء في قوله تعالى:( إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)،  فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَوْمُ الْبَعْث عِنْدَ النَّفْخَة الثَّانِيَة، ومَنْهُم مِنْ قَالَ إنَّهُ أجل إِبليس الْمَكْتُوبَ لَهَ، وذهب أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَ المقصود بيَوْم الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ هو يوم موت جميع الخلائق وفنائها عِنْدَ النفخة الْأَوْلَى، وَلَيْسَ النفخة الثانية وَقَالُوا لأَنَّه بَعْد الْبَعْث النُّفخة الثَّانِيَةِ فِي الصُّوَرِ لَا يَكُونُ هُنَاكَ مَوْتٍ، قَالَ تَعَالَى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ)، قَال البيضاوي فِي تَفْسِيرِهِ إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ المسمى فِيهِ أَجلك عِنْدَ اللَّهِ، أو إنقراض النَّاسِ كُلِّهِمْ هُوَ النفخة الِأولِى عِنْدَ الْجُمْهُورِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَراد به النفخة الْأُولَى أي حِينَ تَمُوت الْخَلَائِق وقِيل الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الَّذِي استأثر اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَيجهله إِبْلِيس فيموت إبليس ثُمَّ يَبْعَثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(كل مَنْ عَلَيْهَا فَانْ)، وروى الطبري فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ السُّدِّى (قَالَ رَبُّ فَأَنْظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)، فلم يَنْظُرَه إلَى يَوْمِ الْبَعْث وَلَكِنَّ اُنْظُرْه إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَهُوَ يَوْمُ يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ النَّفْخَة الْأُولَى فصعق مِنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ فَمَات، قال الْإِمَامُ الشوكاني فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ (إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) الذي  قَدَّرَه الله لِفَنَاء الْخَلَائِق وهو عند النّفخَة الْأَخِيرَة وَقَيلَ هُوَ النَفْخة الْأُولَى، قيل إنما طلب إبليس الإنظار إلى يَوْمَ الْبَعث ليتَخَلَّصَ مِنْ الْموت لِأَنَّهُ إذَا أنَظَرَ إلَى يَوْمِ الْبَعْثِ لَم يَمُوتَ قَبْلَ الْبَعْث و عِنْدَ مَجيء البعث لا يَمُوت، فحين إذ يتَخَلَّصَ مِنْ الْمَوْتِ فأُجِيب بمَا يَطيل مُرَادُه وَيَنْقض عَلَيْه مَقصده وَهو الإنَظَارَ إلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَهُوَ الَّذِي يَعلمُه اللَّه ولا يعلمه غَيْرِه، فإبليس عليه لعنة الله مازال حيا وسيموت فِي الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الَّذِي أَنظرّه اللَّهُ إلَيْهَ وَهُوَ عَلَى الرَّاجح مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَوْم النفخَةِ الْأُولَى، والله تَعَالَى أَعْلَى وَأَعْلَم.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع