القائمة الرئيسية

الصفحات

ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يقتل ابنه؟


 ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يقتل ابنه؟


 من أجمل ما نجد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يخرج في جميع المعارك الإسلامية كان لا يخرج في بعضها، وهو ما يعرف في السيرة النبوية بالسرايا، وفي معركة كان ضد في الكفار قريش، خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معه أبو بكر الصديق وكان ابن أبي بكر  عبد الرحمن بن أبي بكر مع كفار قريش آنذاك، هذه القصة هي موضوع حديثنا اليوم.
لماذا أراد ابو بكر أن يقتل ابنه؟
 ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يقتل ابنه؟


عبد الرحمن بن أبي بكر هو صورة مبينة للخلق العربي بكل أعماقه وأبعاده، فبينما كان أبوه أول المؤمنين والصديق الذي آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم إيمانا ليس من طرازه سواه، وثاني إثنين إذ هما في الغار كان هو صامدا كالصخر مع دين قومه، وفي غزوة بدر خرج مقاتلا مع جيش المشركين وفي غزوة أحد كان كذلك على رأس الرماة الذين جندتهم قريش للقتال ضد المسلمين ومع رسول الله، وقبل أن يلتحم الجيشان بدأت كالعادة جولة المبارزة ووقف عبد الرحمن بن أبي بكر يدعو إليه من المسلمين يبارزه، نهض على الفور أبو بكر الصديق رضي الله عنه مندفعا نحوه يقوم بمبارزته لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمسك به وحال بينه وبين مبارزة ولده، إن العربي الأصيل لا يميزه شيء مثل ما يميزه ولائه المطلق لإقتناعه، إذا إقتنع بدين أو بفكرة لم يعد للفكاك منه سبيل، اللهم إلا إذا أزاحه عن مكانه اقتناع جديد يملأ عقله ونفسه بلا زيف لا خداع، فعلى الرغم من  إجلال عبد الرحمن أباه وثقته الكاملة برجاحة عقله وعظمة نفسه وخلقه فإن ولاءه الاقتناعه بقى فارضا سيادته عليه ولم يغره إسلام أبيه باتباعه، وهكذا بقي واقفا مكانه حاملا مسؤولية إقتناعه وعقيدته، يدافع عن آلهة قريش ويقاتل تحت لوائها قتال المؤمنين المستميتين وكذلك قتال الأقوياء الأصلاء من هذا الطراز، لا يخفى عليهم الحق وإن طال المدى فأصالة جوهرهم ونور وضوحهم يهديانهم إلى الصواب أخر الأمر ويجمعانهم على الهدى والخير،
 و لقد دقت ساعة الأقدار يوما معلنة ساعة ميلاد عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قد أضاءت مصابيح الهدى نفسه فكنست منها  كل ما ورثته الجاهلية من ظلام وزيف، ورأى الله الواحد الأحد في كل ما حوله من كائنات وأشياء وغرست هداية الله ظلها في نفسه وروحه، فإذا هو من المسلمين وسرعان ما نهض مسافر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أوابا إلى دينه الحق، وسرعان أيضا ما تألق وجه أبو بكر تحت ضوء الغبطة وهو يبصر ولده يبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد كان فيه كفره رجلا وهو ذا يسلم اليوم إسلام الرجال فلا  طمع يدفعه ولا خوف يسوقه، وإنما هو اقتناعا رشيد سديد أفاءته عليه هداية الله وتوفيقه، وانطلق عبد الرحمن بن أبي بكر يعوض ما فاته ببذل أقصى الجهد في سبيل الله ورسوله والمؤمنين في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وفي أيام خلفائه بعده، لم يتخلف عبد الرحمن بن أبي بكر عن غزوة غزاها الرسول أو الخلفاء من بعده، ولقد كان له يوم  اليمامة ولاء عظيم وكان لاستبساله دور كبير في كسب المعركة من جيش مسيلمة والمرتدين، بل أنه هو الذي أجهز على حياة محكم بن الطفيل والذي كان العقل المدبر لمسيلمة الكذاب، كما كان يحمي بقوته أهم مواطن الحصن الذي تحصن جيش الردة بداخله، فلما سقطت محكم بضربة من عبد الرحمن وتشتت الذين حوله إنفتح في الحصن مدخلا واسعا كبيرا تدفق منه مقاتل المسلمين، وازدادت خصال عبد الرحمن في ظل الإسلام  مضاء وثقلا فولاءه الاقتناعه وتصميمه المطلق على اتباع ما يراه صوابا وحقا كل هذا الخلق الذي كان في عبد الرحمن بن أبي بكر ظل الجوهر شخصيته وجوهر حياته لم يتخلى عنه قط تحت إغراء رغبة او تأثير رهبة، حتى في ذلك اليوم الرهيب يوم قرر معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد بحد السيف فكتب إلى مروان عامر بالمدينة كتاب البيعة  وأمره أن يقرأه على المسلمين في المسجد، وفعل مروان ذلك ولم يكد يفرغ من قراءته حتى نهض عبد الرحمن بن أبي بكر ليحول الوجوم الذي ساد المسجد إلى إحتجاج مسموع ومقاومة صادعة فقال:( والله ما الأخيار أردتم لأمة محمد لكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كل ما مات هرقل قام هرقل) لقد رأى عبد الرحمن ساعه إذن كل الأخطار التي تنتظر الإسلام لو أنجز معاوية هذا الأمر، وحول الحكم في الاسلام من شورى تختار بها الأمة حكمها إلى قيصريه أو كسراويه تفرض على الأمة بحكم الميلاد والمصادفة قيصرا وراء قيصرا، لم يكن عبد الرحمن بن أبي بكر يصرخ في وجه مروان بهذه الكلمات القارعة حتى أيده فريق من المسلمين على رأسهم الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وكذلك عبد الله بن عمر، ولقد طرأت فيما بعد ظروف قاهرة إضطر الحسين وابن الزبير وابن عمر رضي الله عنهم من الصمت إتجاه هذه البيعة التي قرر معاوية أن يأخذها بالسيف، لكن عبد الرحمن بن أبي بكر ظل يجهر ببطلان هذه البيعة وبعث إليه معاوية من يحمل مائة ألف درهم ويريد أن  يتألفه بها فألقاها ابن الصديق بعيدا وقال لرسول معاوية ارجع إليه وقل له عبد الرحمن لا يبيع دينه بدنياه ولما علم بعد ذلك أن معاوية يشد رحاله قادم إلى المدينة غادرها من فوره إلى مكة، وأراد الله أن يكفيه فتنة هذا الموقف وسوء عقباه، فلم يكد  يبلغ مشارف مكة المكرمة ويستقر بها حتى فاضت إلى الله روحه وحمله الرجال على الأعناق إلى أعالي مكة، حيث دفن هناك تحت ثرى الأرض التي شهدت جاهليته، و هذا والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع