كَيْفِيَّة التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؟
تحَتم الطَّبِيعَةَ الْبَشَرِيَّةَ عَلَى الْإِنْسَانِ التَّعَلُّقُ
بِالدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا، وبالتالي فيميل البشر إلى الأمور الممنوعة،
فالْبَشَر خطاؤون بطبعهم مُحِبٌّون للْمَعَاصِي، فَقَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ
التَّوَّابِين)
وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهُ بِعِبَادِهِ أَنَّه تَرَكَ لُّهُم باب التَّوْبَة
مَفْتُوحٌ لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَرْجِعَ الرُّوح إِلَى خالِقِها و طَرِيقَة للعودة
إلَى طَرِيقِ الْإِيمَان وَالْحَقّ يَكُون ممهدا مَهْمَا بَلَغَتْ النَّفْسِ مِنْ
الذُّنُوبِ وَآثَامِ، وَمَن خِلَال مقالنا الْيَوْم سَوْف نَتَحَدَّث عَنِ
التَّوْبَةِ وَشُرُوط التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
كَيْفِيَّة التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؟ |
التَّوْبَةَ:
هي الْعَوْدَة عَنْ الذَّنْبِ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ إرتكاب المعاصي وَتَرَكَها
والتَّكْفِيرَ عَنْها وَالْعَزِيمَةِ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْهُا، وَالبدأ
بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ واستدراكا لمغفرته
وَرِضْوَانِه، وَالتَّوْبَة هِي أبِلِغ وَجوه الإعْتِذَارٌ وَأسْمى دَرَجَاتِهَا،
وَيَكُونُ فِيهَا الإعْتَذَر والِاعْتِرَاف باقتراف الذَّنْب وَالنَّدَمِ عَلَيْهِ
وَالْعَزِيمَةِ عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْهُ دُونَ تَبْريرٌ أَو انكار فَقَالَ
اللَّهُ تَعَالَى:( إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِين يَعْمَلُون
السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُون مِنْ قَرِيبٍ) .
كَيْفِيَّة التَّوْبَة ؟
إنَّ التَّوْبَةَ مَسْأَلَةٌ يَسِيرِه لَا تجهد وَلاَ تُثْقِلْ عَلَى
قَاصِدُهَا وَإِنَّمَا تَتَمَثَّل بِأَفْعَال وسلوكيات بسيطة مُعْتَادَة، وتُقْطَع
حَبْل الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، و اتِّبَاع أَوَامِرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابُ
نَوَاهِيهِ و تَكُونَ التَّوْبَةُ بَإعْتَزَال الْمَعَاصِي، وَالْعَزْمُ عَلَى
هِجْرَانَهَا وَمُحَاسَبَة النَّفْس و صَدَق النِّيَّةِ وَتَحْقِيقُ التَّوْبَة
وَإِخْلَاصَهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ دُونَ مَطْامَعُ فِي مَصْلَحَةِ
دُنْيَوِيَّةٍ أَوْ مَادِّيَّة، وتذكير النَّفْس بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَ جَمِيلٍ
نعَمه، وَتُدْبِر عَوَاقِب الذُّنُوب ومصير المذنبين، وَإِشغال النَّفْسِ بِمَا
يَنفَعُ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ وَوَاجِبَاتِهَا ومتطلبات الدُّنْيَا
الْمَشْرُوعَةِ رغبة فِي الْأَجْرِ،
وهروبا مِنْ الْفَرَاغِ بِمَواطن الشَّيْطَانِ، وَللتَّوْبَة أَحْكَام وَشُرُوط
هَل تَسْتَلْزِم الْمُسْلِم تَحْقِيقِهَا وَبَذْلُ الْجُهْدِ فِي تَنْفِيذِهَا
ومصدقا لِنِيَّتِه وتفسيرا الْعَوْدَة وَصَفَاء لسرير ته .
شُرُوطُ التَّوْبَةِ :
جعل اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَّوْبَة بَابًا لِرُّجُوع المذنب إلَى
اللَّهِ تَعَالَى وَجَعَلَهَا بَسِيطِة لمُرْتَكِب لِلْمَعَاصِي يَسْتَطِيعُ أَنْ
يُكَفِّرَ عَنِ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، و كُلُّ مَا عَلَيْهِ
فِعْلُهُ هُوَ أَنْ يَبْتَعِدَ عَن إرتكاب الْذنُوبِ وَالمعاصي ومحقِّهَا،
وَيُبْدِلُهَا خَيْرًا وَإِحْسَانًا وَأشْتَرَطُ فِي التوبة مَسَالِك
تَأْدِيبِيَّةٌ مِنْهَا:
●
الِاعْتِرَافِ
بِالذَّنْبِ وَإِقْرَارُه وَالشُّعُور بِعَظَمَتِه وَإظهَار . الْحِسّ بالخجل
مِنْ دُونِ تَبْريرٌ أَوْ إنَّكار وَالِاعْتِرَاف مَع إلتماس الصفح .
●
اسْتِشْعَار النَّدَمُ عَلَى ارْتِكَابِ
الذَّنْب وَإِظْهَار الْحَسْرَة عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ خَطَايَا وَالْعَزِيمَةِ
عَلَى تُرْكِيًّا جَمِيعًا وَعَدَم الْعَوْدَة إلَيْهَا .
●
يَجِبُ أَنْ يُحَاسَبَ الْمُذْنِب نَفْسِه وَيَهُذبِهَا وَيَحْرُص
عَلَى فِعْلُ الْخَيْرِ والطَّاعَاتِ ومراجعتها وَتَحْرِيضُهَا ضدِّ الذنُوب
والمنكرات
●
إبْرَاءِ الذِّمَّةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى
بِالِاعْتِرَاف لِأَصْحَابِ الْحُقُوقِ وَالْمَظَالِم وَالِاسْتِعْدَاد للمحاسبة الدُّنْيَوية وَإِبْرَاء الذِمَّة مَا
أَمْكَنَ، وَالسَّعْي لِرَدّ الْحُقُوق وَاكْتِسَاب الْمُسَامَحَة .
●
أَنْ تَكُونَ
التَّوْبَةُ خَالِصَةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا رياء فِيهَا، وَلت مَصْلَحَةً وَلَا تَفْرِيطٍ وَلَا
خَدَّاعٌ.
●
وَاسْتِحْضَارِ
النِّيَّةِ وَسَلَامَتِهَا مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ ومصارعتها لتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ
وَالإِقْلاَع عَنْهَا وَالابْتِعَادِ عَنْ بيئاتها ومسبباتها.
●
طَلَبِ الْعَوْنِ
مِنْ اللَّهِ عَلَى التَّوْبَةِ تَسْخِيرا وَقَبُولا واسْتَغْفِرًا وَدَعَاء.
●
إدْرَاكُ
الْوَقْتِ الْمَخْصُوصِ لِقَبُول التَّوْبَةَ قَبْلَ بُلُوغِ الْغَرْغَرَة مِنْ
الْمَوْتِ أَوْ قِيَامٍ السَّاعَةِ، لخُصُوصِيَّة هَذِه المراحل أَلْزِمْنِية
المتصفة بِالْعَجْز هُو الضَّعْف وتيقن
الهلاك، فقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( وَلَيْسَت التَّوْبَة لِلَّذِين
يَعْمَلُون السَّيِّئَات حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدُهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي
تَبَّت الْآن)، رُوي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:( مِنْ تَابَ
قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ تيب عَلَيْهِ، ومِنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ تيب
عَلَيْهِ، وَمَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِجَمْعِه تيب عَلَيه، وَ مَنْ تَابَ
قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ تيّب عَلَيْهِ، وَمَنْ تَابَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَة
تيب عَلَيْهِ، فَقُلْت لَهُ إنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "إنَّمَا
التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِين يَعْمَلُون السُّوءَ بِجَهَالَةٍ "، قَالَ: إنَّمَا
أُحَدِّثُكُم كَمَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
تعليقات