كَيْف تُصَلَّى التَّرَاوِيحِ فِي الْمَنْزِلِ وَتَأْخُذ أَجْرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ؟ وَلِمَاذَا رَفَض النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْمَسْجِدِ ؟
![]() |
كَيْف تُصَلَّى التَّرَاوِيحِ فِي الْمَنْزِلِ وَتَأْخُذ أَجْرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ؟ وَلِمَاذَا رَفَض النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْمَسْجِدِ ؟ |
فِي ظُلْمَةٍ اللَّيْلِ تلتف
الْقُلُوب حَوْل أَنْوَار الصَّلَاةِ مَلِيئَة بِالرَّجَاء لتنادي الإله، فيا ذا
مَنْ قَامَ اللَّيَالِي بِصَلَاة الخاشعين، وَطُوبَى لِمَنْ جأر بِاللَّيْلِ
وَبَكَى إلَى اللَّهِ بِالْأَسْحَار يناجي ربه ويَطْلُبُ الْجِنَان، أَسْأَلُ
اللَّهَ لِي وَلَكَ ضَّوْءً فِي ظُلْمَةٍ وَرَكْعَتَا فِي صِحَّةِ وَدَمْعُه فِي
خَشْيَة، فمغُفْرَة، فجنةً، ففردوس، فِاللَّيْلِ جَمِيل تَسْكُنُه الْإِسْرَارَ
ففِيه مُنَاجَاةٌ وَدُمُوع وَصَلَاة بِخُشُوع قُلُوب بَرِيئَةٌ فِي جوف الليل إنها
قلوب المتهجدين، فصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مِنْ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي
إختَصَّ بِهَا شَهْرِ رَمَضَانَ الْكَرِيم وَقِيَامُ رَمَضَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ
سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلَمْ يَسْتَمِرَّ
فِي تأديتها خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ وَرَدَ فِي
الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ :( أنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فصلى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى النَّاس
فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فكَثر الناس، فخَرَج عَلَيْهِم
اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ فَصلى فَصلوا بصَّلَاته فَأَصْبَحوا يَتَحَدَّثُون
بِذَلِكَ حَتَّى كثر النَّاسِ فخَرَجَ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَصلى فصلوا
بصَلَاتَهُ فأصبح النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِك فكثر النَّاس و حَتَّى عَجز
الْمَسْجِدِ عَنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ فَطَفِق النَّاسَ يَقُولُونَ
الصَّلَاةُ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فلَم
قضى صَلَاةِ الْفَجْرِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فتشهد، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ،
فإنه لم يخفى علي شأنكم الليلة وَلَكِنِي خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكم صَلَاةُ
اللَّيْلِ فَتعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ)، فصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ كأَيِّ صَلَاةِ تُصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، رَكْعَتَيْنِ، يُسْلَمُ فِيهَا الْمُصَلِّي بَيْنَ كُلِّ
رَكْعَتَيْنِ، وَعَدَدَهَا بِحَسَب جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ
وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عشرون رَكْعَةٍ مِنْ دون رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ
وَرَكْعَةٌ الْوِتْرِ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ
الشَّرِيفَيْنِ وَاَلَّذِي كَانَ يُصَلِّيه عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ بِالنَّاس،
فَهن الثائب بن يزيد قال:(كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بعِشْرِينَ رَكْعَةً
يَقُومُون بِالمئتِين و كَانُوا يتكئون عَلِيٍّ عصيهم فِي عَهْدِ عُثْمَانَ مِنْ
شِدَّةِ الْقِيَام، فمر عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المساجد وفِيها الْقَنَادِيلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَالَ: نَوَّرَ اللَّهُ
عَلَى عُمَرَ قَبْرِه كِمَّا نور عَلَيْنَا مَسَاجِدِنَا)، وقال بَعْضُ
الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ هي
ثَمَانٍ رَكَعَاتٍ دُونِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، (فعَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ رَجُلًا سأل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ
أَحَدُكُمْ الصبح صلى ركعة واحده توتر له ما قد صلى)، فصَلَاةِ
التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فعن النَّبِيُّ
الْكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( مَنْ قَامَ
رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،
وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ ماتقدم مِنْ
ذَنْبِهِ)، وَ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا مُنْفَرِدًا
فِي بيته خوفا من أَنْ تُفْرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْتَزَم صَحَابَتِه
بِهَذَا الْأَمْرِ تيمنًا به، قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ( وَاعْلَمْ أَنَّ
الْمُؤْمِنِ يجتمع له فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ جِهَادان لِنَفْسِهِ جِهَاد بِالنَّهَار عَلَى الصِّيَامِ، وَجهاد
بِاللَّيْلِ عَلَى الْقِيَام، فَمَن جمع بَيْنَ هَذَيْنِ الجهادين وفي أَجْرَهُ
بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، يجتهد فيهن مَا
لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِن، فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدّ مِئْزَرِه وَأَحْيَا
لَيْلَة وَأَيْقَظ أَهْلِه فاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ
التَّرَاوِيحِ وَاخْتُلِفوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ صلاتها منفردا في بيته أم فِي
جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورِ وَأَصْحَابِه
وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْض الْمَالِكِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ:( الأفضل
صَلَاتُهَا جَمَاعَة كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَ اسْتَمَرّ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيه)، هَذَا
وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَى و أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ
عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات