مَنْ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يُدْفن عَلَى الْأَرْضِ وَدفن فِي السَّمَاءِ ؟ فَمَاذَا فَعَل مَعَهُ مِلْكٌ الْمَوْتِ ؟
من هو النَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يدفنْ عَلَى الْأَرْضِ وَدفن السَّمَاءِ؟ أرسل
الله سبحانه وتعالى رسله إلى البشرية جمعاء لإرشادهم إلى طريق الحق وتوحيد اللَّهِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعبادته، وحثهم على الأخلاق الحسنة وإرشادهم للبعد عن طريق
الضلال والهلاك، فما أعظم الله سبحانه وتعالى وما أكرمه، حيث أرسل أشرف الخلق
رسولا لهداية والناس وإخراجهم مِنْ ظلمات الجهل إلى نور الحق، وَاليوم سنتحدث إنْ
شَاءَ اللَّهُ عَنْ نبي لَمْ يدفن عَلَى الْأَرْضِ وَدفن فِي السَّمَاءِ، قد تتساءل
عزيزي القارئ.
مِنْ يكن هذا النبي ولماذا لم يدفن على الأرض ودفن في السماء؟
 |
| مَنْ هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يُدْفن عَلَى الْأَرْضِ وَدفن فِي السَّمَاءِ ؟ فَمَاذَا فَعَل مَعَهُ مِلْكٌ الْمَوْتِ ؟ |
ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيِّه
إدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَأثنى عَلَيْهِ فيه
وَأجل مكانته وَصِفَاتُهُ قال تَعَالَى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ
إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا
وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)، إنْقَسَمت تَفْسِيرات العلماء
للْمَكَانِ الْعَالِي الذي خص به إدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى أَحَدٍ
الْأَمْرَيْنِ:
●
إما أن العلو
والرفعة معنوية، بأن رفعه الله تعالى منزلة عالية بين الناس في الدنيا وفي الجنة
يوم القيامة، وأن هذا العلو إنما هو شرف النبوة.
●
وأما التفسير الآخر بأن هذا العلو أنما هو علو
حقيقي، بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَه بجسده إلى السماء وَإِنّه لَمْ
يمت في الأرض أصلا، وكما يداخل هذا التفسير بَعْض الإسْرَائِيلِيَّات الَّتِي لَمْ
تَثْبُتْ صِحَّتِهَا قطعا لكن مِنْ الْعُلَمَاءِ مَا نَقَلَهَا كَمَا جَاءَتْ.
وخلاصة الأقوال أن نبي الله إدريس قد
قبض مَلَكُ الْمَوْتِ رَوْحَةٌ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَقِيلَ فِي السَّماء
الرَّابِعَةِ وَهو الْمَكَانُ الَّذِي رَآهُ فيه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَحْلِهِ الإسْراءُ وَالمِعْراجُ، يذكر أن النبي إدريس
عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ رَجُلٌ قَلِيلُ الْكَلَامِ كَثِيرُ الصمت وَالْحِكْمَة
والفكر وأنه دعي لمكارم الْأَخْلَاق وَحض على الزُّهْد لأن الدنيا فانية، وَأَمَرْ
أَهْلَه وقومه بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَام، وغلظ عَلَيْهِم بالطَّهَارَةِ مِنْ الْجَنَابَةِ، فَضْلا عن
تشديده لتحريم كل الْمَشْرُوبَات الْمُسْكِرَة، "وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا" رفعه الله إلى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، وهناك رآه رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلال رِحْلَتِه إلَى السَّمَاءِ،
وَقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ فلم مر جبريل بالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَ
سَلَّمَ إلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ عَلَى النَّبِيِّ إِدْرِيسَ قَالَ جِبْرِيلُ: مَرْحَبًا
بِالنَّبِيِّ وَالصَّالِحِ وَالْأَخ الصَّالِحَ، فَقُلْت مَنْ هَذَا؟ قال: هو إدريس عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَبْلَ
أَنْ يتفشى الشَرِكَ في الحَضَارَة الْمِصْرِيَّة قام إدريس عليه السَّلَامُ
بإلقاء الْكَثِيرِ مِنْ الْحُكْمِ وَالْأَقْوَال وَالْآدَاب عَلَى قَوْمه ليعلمهم
إياها، فإنه إشتهر بالحكمة والفكر المتأني، وكذلك المواعظ المؤثرة ومِنها
الْمَذْكُور فِي كِتَابِ الْمَوْتَى الَّذي تَمَّ اكتشافه فِي أَحَدِ الْمَوَاقِع
الأَثَرِيَّة بمصر، وعمره يَرْجِعُ إلَى إثنِيَ عَشَرَ أَلْفَ سنة، هذا يثبت أن
الحَضَارَة عَمْرها أقدم مِنْ 7000 عَامًا إخْتَلَف
كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فِي نَسَبِ نَبِيَّ اللَّهِ إدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لكن المتفق عَلَيْهِ أَنَه متصل فِي نِسْبَةِ إلَى شيث ثم إلى نَبِيٍّ اللَّهِ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ إنَّ أُصَل إسمه مأْخُوذُ مِنْ الدِّرَاسَةِ
وذَلِكَ لكثرة ما درس إدريس عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلصحفّ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى
آدَمَ وَابْنُه شِيث عَلَيْهِما السَّلَامُ، قيل أن إِدْرِيس وُلِدَ فِي مِصْرٍ،
وقيل فِي بَابِل وهو أرجح الأقوال وأقربها إلى الصواب، وكذلك نشأ في بابل ودعي
قومه إلَى شَرِيعَة اللَّهُ تَعَالَى المتمثلة فِي تَوْحِيدِ اللهِ سُبْحَانَهُ
وتنزيهه عن كل معبود سواه، وما كان من قومه أن قبلوا دعوته ووحدوا ربهم عز وجل،
وبقي حال الناس كذلك حتى بث إبليس ضلالته في الأقوام فعبدوا الرجال الصالحين مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ
شُرَكَاء، هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَى و أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .
تعليقات