قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ الْجَنَّةَ لَا تَدْخُلُهَا عَجُوزٌ فَمَا مَصِيرَهُم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَاذَا سَيَفْعَل بِهِم اللَّه ؟
قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ الْجَنَّةَ لَا تَدْخُلُهَا عَجُوزٌ فَمَا مَصِيرَهُم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَاذَا سَيَفْعَل بِهِم اللَّه ؟ |
نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ هن
عَرَائِس الْجَنَّة، وخيراتها الْحِسَان كَأَنَّهُنّ الْبَدْر لَيْلَة التَّمَام
قَاصرات الطرف عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فلا يطمحن إلَى غَيْرِهِمْ، فَهُن حور حسان قد
بلغن الْكَمَالِ فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالُ، فَلِا يُرى فيهن عَيْبٌ وَلَا
نُقْصَانٍ، كَمُلَت مَحَاسنهن
كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ، فلا تسأل عَن جَمَال الْعُيُون
فِيهَا كُلُّ السحر والفتون قَدْ زانَها الْحُور شدِّة بَيَاض فِي شدة سواد
وَعِنْدَهُم قَاصِرَاتٌ الطَّرْفِ عَيْن كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ، وَهن
حُمْر الْخُدُود، فخدودهن أَصْفى من لوْن الْوَرْد، وَثُغورهن كَأَنَّهَا
اللُّؤْلُؤ الْمَنْضُود، وأجسامهن تكاد تتفَجْر شَبَابًا وَصِحَّة وَامْتِلَاء،
فَأَيّ بَيْضَاء يعَلَوها النُعَيْم، أعناقهن ذات طول وجمال في بياض وإعتدال، فهن
مثل كؤوس الفضة أَنْعَمَ مِنْ الْحَرِيرِ مَلمسا رِيحهَا أَفْضَل المِسْك يَفُوح
أريجه مِنْ فمِّهَا وَثِيَابِهَا حَتَّى
يَنْتَشِرَ فِي الْمَكَانِ مِنْ حَوْلِهَا طيبا ومسكا، وَأَمَّا لَوْنُهَا ففِي
صَفَاء كأنهن الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ، (فعن الْحَسَنِ
الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: رُويَ إنْ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت: يَا رَسُولَ
اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُدْخلَني الجنة، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ: يَا أُمَّ
فُلَانٍ أَمَّا عَلمت أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا عَجُوزٌ فوَّلَت وَهِيَ
تَبْكِي وَتُوَلول ظنًا مِنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ الْجَنَّةَ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقُوا
إلَيْهَا فَأخبرُوهَا أَنَّهَا لَنْ تدْخُلَهَا عَجُوزًا بِل تَّعَوُّد بنتا بِكْرًا، بل ينشئا اللَّهِ خَلْقًا آخَرَ وتلَا
قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:(إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ
أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا أَصْحَابِ الْيَمِينِ)، (و قَالَتْ أُمُّ
سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: سَأَلْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى أَنْ "إنْشأهن
إنْشَاء"
فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ: هم اللواتي قبضن في الدنيا عجائز شمطا عمشا رمسا
جَعَلَهن اللَّهُ بَعْدَ الْكِبَرْ أترَابا عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدَ وهنْ عَجَائِز
الدُّنْيَا انشأهن اللَّهِ خَلْقًا جَدِيدًا كُلَّمَا أَتَاهن أَزْوَاجُهُنّ
وَجَدُوهن أَبْكَارًا، فَلَمّا سَمِعَتْ السيدة عَائِشَة ذَلِكَ قَالَتْ: واوجعاه فَقَالَ
لَها النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ
لَيْسَ هُنَاكَ وجع، وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ
امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إطَلَعَت إلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لأضاءت مَا
بَيْنَهُمَا ولملئته ريحا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا
وَمَا فِيهَا، وروي عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَنِسَاء الدُّنْيَا أَفْضَلُ أَم الْحُورِ الْعِينِ، قال: نسَاء الدُّنْيَا
أَفضل مِنْ الْحور العين كفضل الظهارة
عَلَى الْبِطَانَةِ، قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَبمَا ذَاكَ، قَالَ صَلَاتُهُن
وَصِيَامُهُن لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَلْبَسَ اللَّهُ عَلَى وُجُوهِهِنَّ النُّورَ
و أجسادهن الْحَرير بِيضُ الْأَلْوَانِ خُضِرَ الثياب صفر الْحُلِي مجامرهن الدُّر
وَأَمْشاطهن الذَّهَب، ومِنْ رقة نساء أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْهن يُغْنِين
لِأَزْوَاجِهِن في الجنة غِنَاء رَقِيقًا بكَلَام طيب عذب، لَيْسَ كغِنَاء أَهْلِ
الدُّنْيَا، (فعَنْ
ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: إن أزَوَاج أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يُغَنِين أَزْوَاجِهِنّ
بأَحْسَن أَصْوَاتٍ سَمَعُهَا أَحَدٌ قَطُّ، وان مما يغنين به "نَحْنُ
الْخَالِدَاتُ فُلَا نمِتنْهُ، وَ نَحْنُ إلأمِنات فلا نخفنه، وَنَحْنُ
الْمُقِيمَاتُ فَلَا نَظعَنَه، لا نهجر ولا نترك، فَنَحْن النَاعِمَاتٌ فلا نبأس
أبدَا، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فلَا نسخَطّ أَبَدًا، نَحْنُ الْخَيِّرَاتُ
الْحِسَانِ، أَزْوَاجُ قَوْمٍ كرام، ننْظَر بِقُرَّةِ أَعْيَانٍ فطوبى لمن كنا له
وَكَانَ لَنَا"
فتَكُونَ الْمَرْأَةُ مِتُحبِبَة لِزَوْجِهَا مَازَحَه ضَاحِكَة مُسْتَبْشِرَة،
تَقُولُ لِزَوْجِهَا وَاَللّهِ مَا فِي الجنة أَجْمَلُ مِنْك وَلَا أَبِهَا مِنْك،
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خلقني لَكَ وَ خَلْقِك لِي وَ مِن جَمَالِهن أَنهن
مطهرات مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ والبول وَالْغَائِط وَكل أَذًا يكون من
نِسَاءُ الدُّنْيَا وَطَهُر مَعَ ذَلِكَ باطنها مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ
وَطَهُر لِسَانُهَا مِن الْفحَشِّ وَالْبَلاء، وَطَهُر طرفها من أن تطمح به إِلَيَّ غَيْرَ زَوْجِهَا، وهي كالشَّمْس تَجْرِي فِي مَحَاسِنِ وَجْهِهَا والليل
تَحْت ذَوَائب شَعْرِهَا الْأَسْوَد الْجَمِيل، قَدْ جَمَعَتْ مَلَّاحَة الصُورَة
وَطيب الرَّائِحَة وَحُسْن الْمَوْدة وَحُسْن التَّبعُل والتغنج، قَالَ تَعَالَى:( لِلَّذِينَ
اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاَللَّهُ
بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)،فلا يوجد فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ، (فَقَالَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزب فَإِذَا دَخَلَ
الْمُؤْمِن الْجَنَّة وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا صَالَحَه كَان
زَوْجَتِهِ في الجنة، وأما إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ
وَدخَلَ جَمِيعهم الجنة فالراجح أنها لأخر أزواجها)، (فَقَدْ رَوَى
الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ حذيفة قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ شئتي أن تَكُونِي
زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ فَلَا تَتَزَوَّجي بعدي، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي
الْجَنَّةِ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الدُّنْيَا) وَ لِذَلِك
حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنْ يَنْكِحْنَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُن أَزوَاجُه فِي الجنة، وأما مَنْ لَمْ
تَتَزَوَّجْ فإنَّهَا تتَزَوَّجَ بِمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا عَنْ
الْحَمْلِ وَالْوِلَادَةُ فِي الْجَنَّةِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا إشَتهى الْمُؤْمِن الْوَلَدِ فِي الْجَنَّةِ
كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ في سَاعَة وَاحِدَة كِمَا يَشتهي)، عن عَطَاءِ بْنِ
رَبَاحٍ قَالَ:
قَالَ لي ابن عباس إلَّا أُرِيكَ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قلت: بلا، قَالَ
هَذِهِ الْمَرْأَةِ السوداء أتت النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَتْ: إنِّي
أصرْعَ وإني أتَكشفْ فدعوا الله لي، قال:إن شئت صبرتي ولك الجنة، وإن شئت دَعَوْت
اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَك قَالت: اصْبِر قَالَتْ: فإِنِّي اتكشف
فَدْعوا ألَا أتَكشفْ فدعى لهَا، ففِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي
ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا وَاقْرَأ إنْ شِئْتُمْ وَظل مَمْدُود،
فاللهم اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ و اُرْزُقْنَا لَذَّةَ النَّظَرِ إلَى
وَجْهِك الْكَرِيمَ يَا رَبِّ الْعَالَمِينَ، هذا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات