القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا خلق الله الأرض في ستة أيام وليس بكن فيكون؟


لماذا خلق الله الأرض في ستة أيام وليس بكن فيكون؟

خلق الله سبحانه السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام كما أخبر وهو الصادق جل وعلا :(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، هو سبحانه وتعالى قادر على أن يخلقها في لمحة بصر كما قال في "سورة يس":( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).
لماذا خلق الله السموات والأرض في ستة أيام مع قدرته على خلقها بكن فيكون؟

وقوله تعالى أيضا في سورة "آل عمران":( قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فلماذا خلق الله جل جلاله السماوات والأرض في ستة أيام ولم يخلقها في لمح البصر، وهو قادر على فعلها، وما الحكمة من ذلك؟

قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)،
وقال تعالى أيضا:( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ)، وجاء في سورة فصلت. شرح خلق السماوات والأرض ليس فيه لفظ ستة أيام، وإنما ورد لفظ ستة أيام في سبع مواضع من القرآن الكريم في "سورة الأعراف، و سورة يونس، وهود، والفرقان، و ق، والسجدة، و سورة الحديد)، وما أجمل من خلق السماوات والأرض في هذه السور هو الذي فصل وبين في سورة فصلت، فقال تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾، فهذه الأيام الاثنان اللذان خلق الله فيهما الأرض
  والاثنان اللذان خلق فيهما الرواسي وقدر فيها الأقوات وأحل فيهم البركة فتمت بهم الأيام الأربعة، إنها بلا شك أيام من أيام الله التي يعلم مداها،
 وليست أيام من أيام هذه الأرض و الأيام الذي خلقت فيها الأرض أولا ثم تكونت فيها الجبال وقدرت فيها الأقوات هي أيام أخرى مقيسة بمقياس أخر لا نعلمه، ولكننا نعرف أنه أطول بكثير من أيام الأرض المعروف وأقرب ما نستطيع تصوره وفق لما وصل إليه علمنا البشري، أنها الأزمان التي مرت بها الأرض طورا بعد طور حتى إستقرت وصلبت قشرتها، وأصبحت صالحة للحياة التي نعلمها، وهذه قد إستغرقت فيما تقول النظريات التي بين أيدينا نحو 2000 مليون سنة من سنوات الأرض، في البداية إن قدرة الله تعالى لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود، فقال الله تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)، قال ابن كثير في تفسيره "الستة أيام" هي الاحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، وفيه اجتمع جميع الخلق و في خلق آدم عليه السلام، لكن ما الحكمة في خلق السماوات والأرض في كل هذه المدة، وأن الله سبحانه وتعالى كان قادرا على أن يخلقها في لحظة واحدة أراد الله أن يؤدب عباده، فخلق السماوات والأرض في ستة أيام ليعظ عباده ويعلمهم التأني والتثبت في أمورهم فإن الإنسان خلق عجولا فأراد الله عز وجل أن يضع له مثالا يظهر فيه التأني والتثبت حتى يكون ذلك أدعى للمخلوق بأن يتأنى ويتثبت ولذلك كان من عجيب الإشارات في كتاب الله عز وجل، أنه لما ذكر خلق السماوات والارض في سورة الأنبياء كما قال تعالى:( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)، ثم ساق جل وعلا تفصيل شيء من ذلك فقال تعالى: (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) فبين جل وعلا للإنسان لشدة عجلته كأنه خلق من مادة العجلة نفسها، كما قال في موضع اخر (وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا) وهذا فيه إشارة وتعليم العباد في الرفق والتثبيت والتأني في الأمور، وقد اشار الله سبحانه وتعالى الى هذا المعنى في آيات كثيرا منها (وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْ‌ضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْ‌شُهُۥ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، فأخبر أنه خلقها هكذا ليبلونا وليختبرنا أينا أحسن وأتقن عمل فالعاجل الذي لا يتدبر الأمور قد يخل بالعمل فالله خلقها في ستة أيام ليبتلى العباد بإتقان أعمالهم وكذلك إحسان الأعمال و عدم التعجل فيها حتى لا تختل شؤونهم ومصالحهم،  هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا قال سبحانه وتعالى:(إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) وجعل ما على الأرض من جبال وأشجار ونبات وحيوانات ومعادن وغير ذلك ليبلوا العباد وليختبرهم أيهم أحسن عملا استخراج ما في هذه الأرض وكذلك الاستفادة منها والانتفاع بها، قال سبحانه وتعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا )، ففي هذه الآيات وما جاء في معناها الدلالة على أنه سبحانه وتعالى خلق هذه الأشياء هذه التنظيم وبهذه  المدة المعينة ليبلو عباده و يختبرهم أيهم أحسن عملا ما قال "أكثر عملا "بل قال "أحسن عملا" فالإعتبار بالإتقان والإكمال والإحسان لا بالكثرة.
وهذا والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع