القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف قام قارون بجمع ثروته؟






كيف قام قارون بجمع ثروته؟


كان بنو إسرائيل يرون أن موسى عليه السلام هو المنقذ والمُخَلص لهم مما هم فيه من ذل ومهانة واستبداد، ولكن منهم أيضاً من كان حاقداً على نبي الله موسى ( عليه السلام ) ويضمر له الحسد، خاصة سدنة الحكم وبطانته وحاشيته كما هو في كل زمان ومكان خاصة المنتفعين من فرعون والمقربين من عرشه ويحصدون من وراء هذا التقرب والزلفى الفرعونية على ما يريدونه من أموال وهدايا وعطايا ومنافع لا تعطى إلا للخاصة، وكان من بين هؤلاء رجل يُدعى قارون وهو ابن عم سيدنا موسى عليه السلام، ولكنه كان أحد المقربين لفرعون والمدافعين عنه وعن مُلكه وألوهيته وقد وقف قرون إلى جانب فرعون ضد دعوة سيدنا موسى عليه السلام.
كيف جمع قارون ثروته قارون ثروتة قارون
كيف قام قارون بجمع ثروته؟


وقد اشتهر هذا القارون بالثراء الفاحش والثروة المالية الطائلة حتى صار مثلاً لكل غنى وثرى مهما بلغ غناه أو ثراؤه في أي مكان وزمان .
وقد تحدث المفسرون عن سر ثراء قارون الملعون .. فذكر بعضهم أنه كان يقوم بعمليات كيميائية يقوم من خلالها تحويل النحاس إلى ذهب ويطرحه للبيع بأسعار عالية جمع من ورائها أموالا طائلة وقال بعض المفسرين أن قارون جمع ثروته من أعمال غير مشروعة مستغلاً قربه وعلاقته بالحاكم فرعون ووزيره هامان الأمر الذى ساعده على نماء ثروته، حيث تحصل على كثير من التسهيلات والتصريحات التي كانت سبباً في حجم هذه الثروات الطائلة، وذهب فريق ثالث من المفسرين إلى القول : أن قارون كان يفعل ذلك كله ومستغلاً أيضاً لعلمه
الكيميائي في نماء الثروة بالإضافة لعلاقاته المذكورة وأعماله الغير مشروعة .. حتى نجد هذا القارون المتفرعن يقول عن ثروته وعن المال :(إنما أوتيته على علم عندي ) ( القصص 78 ) .
وإذا كان المفسرون قد اختلفوا في سر ثراء قارون وكيفية جمع أمواله ، فإنهم ولا شك اتفقوا على أن ثروته كانت كبيرة جداً ولم يكن
أحد يملك مثلها في ذاك العصر إلا فرعون وهامان بل كان قارون أغنى الثلاثة ، لذلك عندما أراد صاحب العزة سبحانه وتعالى أن يصف ثراء قارون الفاحش لم يذكر مقدار هذا الثراء و كثرة الكنوز، ولكنه سبحانه أشار فقط إلى مفاتيح الخزائن فقال تعالى : { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) القصص ) .فإذا تصورنا أن هذه هي المفاتيح فكيف تكون إذن الخزائن ؟ وكيف يكون حجم ما بداخلها ؟ - ترك لنا الله سبحانه وتعالى هذا التصور والتخيل لتك الثروة الطائلة التي وهبها لقارون واغتر بها ولم يذكر فضل الله عليه فيها .
وقد ذكر بعض المفسرون أن هذه المفاتيح كانت مصنوعة من
الجلود وكانت تحمل على ستين بغلاً ويصعب على مجموعة من الرجال الأشداء حملها ، ولم تكن ثروة قارون هي ما في خزائنه من أموال فحسب بل كان لديه أيضاً عدد كثير من الخيل والمركبات والحرس، وكانت مركباته مطعمة بالفضة والذهب وكانت سروج خيل مصنوعة من الجلد المزين بالذهب الخالص وكان قصره عظيماً يشبه قصر فرعون وأعمدته من الرخام المحلي بالذهب والفضة وأرضيته من الرخام ونوافذه من خشب الصندل المعطر.

بخل وغرور


وعلى الرغم من كل هذه النعم لم يشكر قارون ربه عز وجل على ما أنعم عليه من مال كثير وثروة طائلة ولم يعرف حق الله في هذا المال فلم يخرج منه للفقراء والمحتاجين ولم يسخره في نصرة دين الله والوقوف بجانب نبي الله موسى عليه السلام، ولكنه فعل عكس ذلك وحمله ثراؤه علي أن يقف بجانب فرعون وهامان ضد موسي عليه السلام لأنه أحس أن طبقة الأغنياء والأمراء هي أقرب إليه من طبقة البسطاء والفقراء من قومه بني إسرائيل .. فنظر قارون إلي قومه نظرة احتقار واستهزاء .. و اغتر بماله وثروته وراح
يتكبر علي موسى وبني إسرائيل وإلى جانب الغرور والكبر الذي اتصف به قارون كان أيضاً بخيلاً شحيحاً يجهل فضيلة الإحسان للفقراء والمحتاجين ولا يعرف قيمة العطف على المساكين أعطاه هذا الثراء إحساساً بالعظمة وملأ قلبه بالفرحة فصار يشعر بالقوة والغني والنفوذ وظن أنه خالد في الدنيا وأن ماله مخلد معه فانغمس في ملذات الدنيا فكان يأكل أفضل الطعام وأشهاه ويرتدي أفخر الثياب وأجملها ويستغل الفقراء في خدمته ويسخرهم في الأعمال الشاقة ولا يمنحهم مما يستحقون إلا أقل القليل مستغلاً حاجتهم وفقرهم الشديد فكان يظلمهم ظلماً بيناً ويعذبهم وينكل بهم وكان يفسد في الأرض ولا يعينه أن يموت غيره جوعاً طالما أن ثروته تنمو وماله يكثر وكان كلما زاد المال وكثرت ثروته ازداد بخلاً وظلماً وكبراً وغروراً .

إيمان ... وجحود

وفاتنا أن نذكر لمن لا يعلم أن من مصدر ثراء قارون، أنه قد طلب من سيدنا موسى عليه السلام أن يدعو الله له أن يرزقه
مالاً كثيراً، فرزقه الله علماً فريداً وهو علم الكيمياء استطاع به تحويل التراب والنحاس إلى ذهب لذلك عندما قال له سيدنا موسى بأن هذا المال من عند الله فقال له قارون : ( إنما أوتيته على علم عندي ) ، وعلى الرغم من تلك الدعوة المؤمنة المباركة جحد قارون نعمة الله عليه ،وزاد كبره وغروره يوماً بعد يوم وكان يخرج إلي الناس في موكب مهيب إذ كان موكبه أشهر المواكب عظمة وبهاء بعد موكب فرعون وكان إذا سار به تحت أشعة الشمس تلألأ الذهب والنحاس والجواهر وخطف وهجه أبصار الناس .. وفتنهم فتنة كبيرة لذلك انقسم الناس أمام ثراء قارون وبهائه الشديد إلي قسمين قسم مؤمن بالله الواحد يعلم أن ما فيه قارون امتحان من الله وابتلاء له .. قسم انخدع بهذا الأمر وصار يتمنى أن يكون مثل قارون ويحكي لنا القرآن عن هذين القسمين بأن قارون خرج ذات يوم في موكبه يمر في المدينة فوقف الناس يشاهدون هذا الموكب ويتأملون أعمدة الموكب التي صنعت من الذهب وستوره التي نسجت من الحرير .. وخيوله التي وضع عليها سروج وأدوات مرصعة بالزبرجد والماس والياقوت، وحوله الحرس من كل جانب فقال بعض الناس : ( يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ) .. القصص 79
لقد انخدع هؤلاء بزينة قارون وبدأ الشك والجحود يتسرب إلي نفوسهم وظن بعضهم أن قارون أفضل من موسى عليه السلام وأن الله لو كان يحب موسي حقاً لأعطاه مثلما أعطي قارون وأمام هؤلاء يقف القسم الثاني من الناس وهم المؤمنون الصادقون حقاً فنجدهم لا ينخدعون بهذه الزينة الكاذبة التي يعيش فيها قارون وقد عابوا علي هؤلاء ما تمنوا ، وذكروهم بأن ما فيه قارون فتنه لا يجب أن يقعوا فيها وأن ما عند الله من ثواب أفضل مما فيه قارون وقالوا لهم : ( ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون ) .. القصص 80

دعوة  وعناد

لما رأى موسى عليه السلام أن ثراء قارون قد صار فتنة على المؤمنين من قومه أرسل إليه جماعة من المؤمنين ينصحوه ويذكرونه بالله عز وجل ويبينوا له ما يجب عليه في هذا المال من تصدق وإنفاق علي الفقراء والمساكين من قومه فذهب إليه هؤلاء المؤمنون العقلاء وقال له أحدهم يا قارون لقد خلق الله المال ولكن بشرط أن يكون المتاع عبارة عن شكر لله المنعم  فتعطي الفقراء وتصرف الأموال في طاعة الله تعالى وقال آخر : يا قارون لا تفسد في الأرض بالظلم والبغي إن الله لا يحب المفسدين كما لا يحب الفرحين ولكنه ميت القلب قارون لم يقبل هذا الكلام ولم يستجب لتلك النصائح وقال لهم : إن هذا المال ملكي وحدي .. كسبته بنفسي وأوثيته بعلمي وجهدي وفكري .. فما لكم تفرضون على الطرق التي أنفقت فيها ويتحكمون في أملاكي الخاصة ليس لأحدهم حق في مالي هذا .
وقام الطاغية قارون بطرد المؤمنين من قصره مهدداً إياهم بالقتل فخرجوا وهم يعلمون أن قارون أصبح مغروراً ونسي مصدر نعمته وأصبح مفتوناً المال وأعماه الثراء عن الحكمة في عطاء الله له ولم ينتبه إلى أن الله تعالى قد أهلك من قبله أجيالاً كانت أشد منه قوة وأكثر مالاً وعاد هؤلاء العقلاء إلي موسي عليه السلام وأخبروه بما فعله معهم قارون فأخبرهم موسى عليه السلام أن كبر قارون وغروره وبخله ذلك سيكون سبباً في هلاكه ووجب على المؤمنين ألا يفتنوا بما هو فيه من نعم ومال لأن هذا المال اختبار من الله ويجب عليهم أن يحمدوا الله تعالى و تخلقوا بخلق الرضا والقناعة فذلك خير لهم من الدنيا ومتاعها الزائل فآمن المؤمنون بكلام نبي الله موسى عليه السلام وحمدوا الله عز وجل وشكره علي نعمه الكثيرة التي مَن بها عليهم وأيقنوا أن قارون لم ينجح في
الامتحان الذي دخله بل رسب فيه لأنه رفض أن يخرج زكاة ماله أو يعترف بفضل الله عليه.

كيف كاد قارون لموسى؟

كان قارون حاسدا لموسى وأخيه هارون واشتد حقده عليه فكان كثيرا ما يؤذيه ولكن لمحبة موسى له ولأهله في عودته الله وصلة الرحم  كان يعفو عنهم ويصفح حتى جاء يوم اجتمع قارون باتباعه وقال لهم: اما قال موسى الزاني يرجم قالوا :قد قال ، فقال ما بالكم سلطنا عليه من البغايا امرأة تدعي عليه فنرجمه ونرتاح منه ثم سألوا موسى ألم تقل من زنى يرجم قال قلت قالوا ولو كان أنت قال ولو كان انا، قالوا فقد زنيت فجزع موسى وغضب وأرسل قارون لامرأة كان قد اتفق معها على أن يعطيها المال ويجعلها من ضمن نسائه على أن تأتي على الملأ وتقول لقارون ألا تنهى عن موسى ليثبت عليه الزنى لكن المرأة لما جاءت عظم عليها أمر موسى وقالت له فرصة أرسلها الله لي للتوبة من كل آثامي  ولما حضرت بادرها موسى بحق من فلق البحر لبنى إسرائيل ألا تصدقيني ففضحت المرأة فعل قارون وخر موسى ساجدا لله يبكي .

نهاية قارون وعتاب الله لموسى فيه :

فلما اعترفت المرأة على قارون تملك موسى الحزن والغضب وسجد لله باكيا وقيل توضأ وصلى ودعي فقال يأرب عدوك لي مؤذ أراد فضيحتي وشيني.. يأرب سلطني عليه فأوحى الله له أن مر الأرض تطعك فجاء موسى قارون وقومه ودعا أن تبتلعه الأرض فابتلعت قارون ومن معه حتى الركبة فأخذ قارون يستنجد بموسى يا موسى ارحمني فقال موسى يا ارض خزيهم فابتعتهم الأرض حتى منتصف الجسد ويكرر قارون التوسل يا موسى ارحمني وموسى يقول يا أرض خزيهم وقيل كانت الأرض تبلعهم واحد تلو الآخر وقارون يتوسل لموسى حتى جاء دوره وهو يكرر التوسل ومات.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع