من الذين يدخلون الجنة قبل يوم القيامة؟
هناك الكثير منا يخطر على
باله العديد من الأسئلة بشأن الحساب ودخول الجنة والنار، كل منا يسأل متى يبدأ
الحساب؟ أهو عند نزول القبر أو يوم القيامة؟ وقد علمنا أن هناك بعض الأشخاص دخل
الجنة وأن هناك بعض الأشخاص داخل النار، فكيف يكون ذلك ونحن نعلم أن أول من يدخل
الجنة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
في البداية يجب على كل مسلم
أن يعتقد أن الحساب بعد الموت حق وأن الجزاء يكون بعد الحساب، فقال الله تعالى (فَوَرَبّكَ
لَنَسْأَلَنّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الحجر،٩٣/٩٢ وأيضا قال سبحانه (فَلِنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ
أِرْسَلَ اإِلَيْهِمْ وَلِنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)
الأعراف /٦.
الحساب يكون على مرحلتين:
المرحلة الأولى:
يتم الحساب في القبر بعد
الموت، وذلك حين يأتي الملكين فيسألا الميت عن ربه ودينه ونبيه كما جاء في الأحاديث المتواترة وهي فتنه القبر التي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ منها، وعن عائشة رضي الله عنها ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (أُوحِيَ إلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ) رواه البخاري ( 1049 ) ومسلم( 584).
المرحلة الثانية:
وهو الحساب بعد البعث في الآخرة، وهو الحساب العظيم
الذي يميز فيه بين أهل الجنة وأهل النار، ويتقاص العباد
فيه المظالم بينهم في ذلك اليوم بيوم الحساب لقوله سبحانه وتعالى (هَذَا مَا تُوعَدُونَ
لْيَوْم الحِسَابِ ) ص/،٥٣ وأيضا قال سبحان (وَقَالَ مُوسَى إنِّي عُذْت
بِرَبِّي وَرَبُّكُم مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْم الْحِسَاب) غافر/؟٢٧ .
هل يدخل أحد من البشر الجنة
قبل يوم القيامة؟
ينقسم ذلك إلى نوعان :
يمكن أن يدخل الميت بروحه
كما هو حال الأموات، فهذا ثابت للأنبياء والشهداء الذين تكون أرواحهم في حواصل طير
خضر تسرح في الجنة، وكما هو الحال في الأحاديث التي أخبر الرسول صلى الله عليه
وسلم فيها أنه دخل الجنة في المنام فإنها في حالات الأرواح.
أما دخول الجنة بالجسد
والروح فإنها تكون يوم القيامة للبشر والجن ويستثنى من هذا ما ذكر أن آدم عليه
السلام كان في الجنة قبل أن ينزل إلى الارض كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله وغيره
والله أعلم.
فأول من دخل الجنه من البشر
هو أبو البشر آدم (وَقُلْنَا يَا آدَمُ
اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ و كُلٍّ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا) البقرة /٣٥، وأيضا قال سبحانه
وتعالى (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ
وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلُوا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ
الشَّجَرَةِ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ)
الأعراف/١٩ ولكن آدم عصي ربه بأكله
من الشجرة التي نهى الله عن أكلها منه فأهبطه الله من الجنه الى دار الشقاء، وقد
الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة في صحيح البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال"اطَّلَعْت فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا
الْفُقَرَاءَ ، وَاطَّلَعْت فِي النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ"(١)، ومن ضمن الذين يدخلون
الجنهة قبل يوم القيامه الشهداء ففي صحيح مسلم عن مسروق قال: سألنا عبد الله بن مسعود عن
هذه الآية (وَلَا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران /١٦٩،قال أن قد سألنا عن ذلك
فقال: "أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقه بالعرش، تسرح
في الجنه حيث شاءت، ثم تأوي الى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعه، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا اي
شيء، ونحن نسرح من الجنه حيث شائنا، ففل بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم لن
يتركوا من أن يسالوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا
في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا"(٢)، ومن مات عرض عليه مقعده
من الجنة والنار بالغداة والعشي في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشي إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ
الْجَنَّةِ وَإِنَّ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ
هَذَا مَقْعَدُك حَتَّى يَبْعَثَك اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (٣)
أول من يدخل الجنة:
بين النبي عليه الصلاة
والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم أنه أول من يدخل الجنة من الناس
قال: (آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح، فيقول الخازن من أنت؟
فأقول: محمد فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك)، وفي الحديث الآخر الذي
رواه الإمام أحمد و فيه (أنا سيد بني آدم يوم
القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر)، فالنبي عليه الصلاة
والسلام قطعا هو اول رجل يفتتح دخول الجنة بفضل على الناس ومقامه عند رب العالمين،
ثم يدخل أولي العزم من الأنبياء الذين اصطفاهم الله على عباده بالرسالة والنبوة.
أول فئات الناس دخولا للجنة:
وردت أحاديث في أول من يدخل
الجنة من فئات الناس، فقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن الفقراء يدخلون الجنة
قبل الأغنياء بنصف يوم يعادل 500 مئة سنة عند الله، وقد ناسب أن يكون حالهم كذلك بسبب قصر
مدة الحساب لهم خلافا للأغنياء، والفقير بلا شك يعاني من أمور الحياة ومآسيها
وابتلاءاتها، كما أن حياة الغني المادية في الدنيا تتسم بالراحه، بخلاف الفقير
الذي قد يعيش البؤس والحرمان من المتعة والملذات المباحة، وفي الحديث الآخر إن أول
زمرة يدخلون الجنة صورتهم لك صوره القمر في ليلة البدر توافر عدد من الصفات عندهم
والتي تدل على إيمان ما صدق بالله تعالى وصحة توحيدهم.
المصادر:
صحيح البخاري كتاب بدء
الخلق باب ما جاء في صفة الجنة فتح الباري ٣١٨/٦
مشكاة المصابيح ٢/٣١٥
رواه مسلم في صحيحه انظر
مسلم بشرح النووى ٣٠٠/١٧
تعليقات