القائمة الرئيسية

الصفحات

هَلْ تَعْلَمُ مِنْ هُوَ الْمَلِكُ الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ قَطُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ ؟ وَحَمَلَ بشارتين إلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟


هَلْ تَعْلَمُ مِنْ هُوَ الْمَلِكُ الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ قَطُّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ ؟ وَحَمَلَ بشارتين  إلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟


ميز الله جل جلاله جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ الملائكة وَجعَلَه قَائِدا لهم وخصه بما لَا يَخُصُّ به لا المَلَائِكَة ولَا أَحَدَ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ  خلقَا  وتكليفا، فهوَ حَاملُ الوحي وهو كلام الله جل جلاله، وخَلَقَه الله جل جلاله خلقا عَظِيما مُمَيِّزَا ومنحه إمكانات هائلة، كَانَ سيَدنا جِبْرِيلُ  مكلف بنُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ بَيْنَمَا كَانَ سَيِّدُنَا جِبْرِيلَ جالس مَعَ النَّبِيِّ نزل ملك  آخَرَ لَمْ يُنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ قط  عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، فلماذا نزل هذا الملك؟ وماذا فعل سَيدنا جِبْرِيل عِنْدَمَا رَآهَ؟ وَمَا هي البشارتين الَّذِي حَمَلَهُمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ؟ 

عَن بْنُ عَبَّاسٍ قال: بينما جِبْرِيلُ قاعد عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضَا مِنْ فَوْقِهِ فرفع رأسه، فَقَالَ: هذا باب مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفتح قط إلَا اليوم فنَزَلَ منه ملكا، فقال: هذا ملك نزل إلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنزل قط إلا الْيَوْم، فسلم وقَالَ: أَبْشِرْ بنورين أتيتهما لَم يؤتهما نَبِيّ من قبلك، فاتحة الكِتَابِ وخواتيم سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَن تَقْرَأُ بِحَرْف مِنْهُمَا إلَّا أَعْطَيْته وقد رد ابن عطية عَلَى مَنْ أَحَتج بهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أن هذا الملك نزل بالفاتحة، وإحتج بقوله تعالى:( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الآمِين صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمِ)، ونزل به الروح الآمِينَ أي هي عام في جميع القرآن، وعليه فيكون جبريل هو الذي نزل بتلاوتهما ونزل الملك بثَوابِهما، فهَذَا الْحَدِيثِ يذكر منحة ربانية لمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَخواتيم سورة الْبَقَرَة، بينما جبريل قاعد عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضَا مِنْ فَوْقِهِ فرفع رأسه، والنقيض هو الصوت الصادر من حَرَكَة شَيْءٍ، فقال جبريل: هذا باب مِنْ السماء فتح الْيَوْمِ لم يفتح قط إلا الْيَوْمِ، فنزل منه ملك، فَقَالَ: هَذَا ملك نَزَلَ إلَى الْأَرْضِ لَم ينزل قط إلا الْيَوْمِ وهَذَا كُلُّهُ تمهيد لأمر عظيم لأنْ فتح باب من أَبْوَابِ السَّمَاءِ لأَوَّلِ مَرَّةٍ ونزول  مِلْكِ غَيْرِ جِبْرِيلُ لأول مرة إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدُلُّ عَلَى عظم الأمر المبعوث به، فلما نزل الملك سلم وقال للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَبْشِر بنورين أوتيتهما لَم يؤتهما نَبِيٌّ قَبْلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف  مِنْهُمَا إلَّا أَعْطَيْته" وَهَذَا من عَظِيم فَضْلِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ و عَلَى أُمَّتِهِ، وقد سماهما نورين لأن قراءة كُلِّ آيَةٍ مِنْهما تجعل لقارئها نورا يسعى أمامه ويرشده ويهديه إلَى الطَّرِيقِ الْقَوِيمُ وَالْمَنْهَج الْمُسْتَقِيمَ، وَذَلِكَ لما يحويانه من المعاني الجليلة والتي فيها الإعتراف بالألوهية وما فيها من اللجوء التام إلَى اللَّهِ بِالدُّعاءِ الْعَظِيم بألفاظهما، والحديث بيان عظم مكانة سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وخواتيم سُورَةً الْبَقَرَةِ وَالْحُث عَلَى قِرَاءَتِهما وفِيه بَيَانِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ رسل إلَى الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَ جِبْرِيلُ.

 ما أجمل وأعظم مكانة هذه السورة "سورة الفاتحة":
 التي قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا: لأَحَدِ أَصْحَابِهِ لَأَعَلِمنك أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فقْرَأَ عَلَيْهِ الْنِبي:( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إلَى آخِرِ سُورَةِ )، مِنْ أَسْمَائِهَا وَلمَنْزِلتها السامية وشَرَفِيهَا كثرت أَسْمَائِهَا، فهي أَكْثَر سُوَرِ الْقُرْآنِ أَسْمَاء فقد قال النبي عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عنها الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ "أم الْقُرْآن"  "وَأم الْكِتَابَ" وهي "السَّبْعُ الْمَثَانِي" وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ، ومن أسمائها أيضا "الفاتحة" "وفاتحة الكِتَابَ"  "وفاتحة الْقُرْآنِ"، قد حصل بها إفتتاح كَلَامُ اللَّهِ وَابتداء الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فهي أول شيء في المصحف مِنْ حَيْثُ الترتيب، وتفتتح بها الصَلَاةٍ، حيث نقرأها في أول صلاتنا ولذا فمِنْ أَسْمَائها أَيْضًا "سُورة الصَّلَاةَ"، وَ كَذَلِكَ فَهي "أَمَّ الْكِتَابِ" وَ"أُمَّ الْقُرْآنِ"، يرْجِعُ معنى الأم في الُلغَةٍ هي أصل الشيء وإبتداءه وهي كما قلنا بداية الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ، ومن أسمائها أيضا "سورة الرُّقْيَة وَالشِّفَاءُ"، فقد جاء فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ عن نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:( فاتحَة الْكِتَابَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُم وقد كان نبينا  يَقْرَأُها فِي الرُّقية مِنْ أَيِّ شَرٍ أَوْ سَوْءَ)، كمَا تَعْرِفُ أَيْضًا "بسورة الْحَمْد" تبدأ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ بِـحمد  العباد بِرَبِّهم الْكَرِيمِ الَّذِي أنعم عَلَيْهِمْ بفيض مِنْ كَرَمِهِ وُجُودِهِ ونعمه، هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَى وَأَعْلَم وصلى الله عَلَى نَبِيِّنَا وسيدنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع