القائمة الرئيسية

الصفحات

مَاذَا قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرِّجْلِ الَّذِي تَرَكَ الْحَجِّ وَ تَبَرَّعَ بِمَالِهِ لِلْيَتَامَى وَمَاذَا فَعَلَ اللَّهُ مَعَهُ ؟


مَاذَا قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرِّجْلِ الَّذِي تَرَكَ الْحَجِّ وَ تَبَرَّعَ بِمَالِهِ لِلْيَتَامَى وَمَاذَا فَعَلَ اللَّهُ مَعَهُ ؟


يا مَنْ تَصَدَّقَ مَال لِلَّهِ تبذله فِي
أوجه الخَيْر مَا لِلمَال نقصَان
كم ضاعف اللَّهِ مَالا جاد صاحبه
إن السخاء يُحْكَمْ اللّهِ رضوانٌ
إنَّ التَصَدَّق إسعَاد لمن حرموا
أهل السخاء إذا ما إحْتَجتهم بانوا
دَاوي عَلَيلك بالمسكين تطعمه
البذل ينجيك من سقم ونيرانُ
يا منفقا خلفا أعطيت منزلة
يا ممسكا تلفا تلقي و خسرانُ
لا تخذلن لآت راد مسألة
جل الذي ساقه كفاك إحسانُ
الرجل الذى حجت عنه الملائكة
مَاذَا قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرِّجْلِ الَّذِي تَرَكَ الْحَجِّ وَ تَبَرَّعَ بِمَالِهِ لِلْيَتَامَى وَمَاذَا فَعَلَ اللَّهُ مَعَهُ ؟


 
فهو أمير الأتقياء عالم رباني وَسَيِّد الْعُلَمَاءُ، إنه عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْعَابِد الزَّاهد الَّذِي عَنْهُ يَروَى الْكَثِيرِ مِنْ تَقْوَاه، فقد كان والد الإمام عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ يَعْمَل حارسا على بستان، يحرس  الرُّمَّان وَالْأَشْجَار مِنْ أَنَّ يَعْتَدِي عَلَيْهَا لُصُوص، فكان يتخلل عَمَلِهِ ركعات يركعها فِي البستان ولا يفتر لسانه من ذكر الله عز وجل، وَفِي لَيْلَةِ دَخَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مَا هُوَ ضَيْفٌ يزور البستان، فقال: يا مبارك إئتنا برمان، فأتى مبارك برمان حامض ووضعه بين يديه، فقال: هذَا حَامض إئتنا بغيره، فأتى برمان حامضا أخر، فقال له سيده: أنت لا تفهم ولا تعقل ولا تعي ما أقول، هذا حامض إئتنا بأَفْضَلُ مِنْهُ، فَقَالَ وَاَللَّهِ إِنَّا لَا أَعْرِفُ الْحَامض من الحلو، قال: أما ذقته وأنت في البستان، قال مُبَارَكٌ: لَا وَاَللّهِ فأنت لم تأذن لي أن أذوق مَا فِي الْبُسْتَانِ، بل أذنت لي أن أحرس البستان، فهذا الرَّجُلُ الصَّالِحُ تعَلّم منه ولده الزُهدِ والتَّقْوَى، فكان عبد الله بن المبارك يحج عَاما، وَيَغْزُو عَامًّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وفِي الْعَامِ الَّذِي أراد فِيهِ الحج خرج ليلة ليودع أصحابه قَبْلَ سَفَرِه، وفي الطريق وجد منظر إرتعدت له أوصاله وإهتزت له أَعْصَابَه، وجد إمرأة فِي الظَّلَامِ تَنْحَني عَلَى كومة من القمامة تفتش فيها حتى وجدت دَجَاجَة مَيْتَة فأَخَذَتُهَا وَوضْعَتهَا تَحْتَ ذِرَاعَيْهَا وَانْطَلَقَت بِهَا فِي الْخَفَاءِ، فتجب بن الْمُبَارَك ونادى عَلَيْها وقال لها: ماذا تفعلين يَا أمَّةَ اللَّهِ؟ إلَّا تَعْلَمِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:( إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَ بِهِ لِغَيْرِ الله)، فقالت له:
يا عَبْدِ اللَّهِ أترك الْخَلْقِ لِلْخَالِق، فاللَّهُ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ شُؤُون، فَقَالَ لَها ابْنُ الْمُبَارَكِ: ناشدتك الله أن تخبريني أمرك، فقالت المرأة: أما وقد أقسمت علي بِاَللَّه فلأخبرنك، فَأَجَابَتْه دُمُوعُهَا قَبْل كَلِمَاتها إن الله قد أُحِلَ لنا الميتة وأنا أرملة فقيرة وأم لأربع بنات غيب الموت راعيهم، وإشتد بنا الحال ونفذ مني الْمَالِ وَلَا يُوجَدُ مِنْ يَكفلنا، وطرقت أبواب الناس، فلم أجد للناس قلوبا رَحِيمَة فخرجت ألتمس عشاء لبَنَاتي اللاتي أَحْرَق لهيب الجوع أكبادهن فرزقنى الله هَذِهِ الميتة، أفمجادلني أنت فِيهَا، فبكى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وفاضت عيناه وَقَالَ لَهَا خذي هَذِهِ الأمَانة وَأَعْطَاهَا المَالِ كله الذي كَان ينوي به الحج فأخذته أم اليتامى ورجعت شاكرة إلى بناتها، وعاد إلى بيته وَلَازَمَه طُوال فَتْرَة الْحَجُّ، وخرج الحجاج من بلده فأدوا فَرِيضَةٌ الحَجِّ، ثم عَادوا وذهبوا لزيارته في بيته ليشكروه على إعانته لهم طوال فترة الحج، فقالوا له: رحمك الله يا بن المبارك ما جلسنا مجلسا إلا أَعْطَيْتَنَا مِمَا أُعْطَاك اللَّه من العلم ولا رَأَيْنا خَيْرًا مِنْك فِي تعبدك لرَبِّك فِي الْحَجِّ هَذَا الْعَامِ، فتعجب ابن المبارك من قولهم وحار في أمره وأمرهم، فهو لم يفارق البلد، ولكنه لا يريد أن يفصح عن سره، ونام ليلته وهو يتعجب مما حدث، وفِي الْمَنَامِ يرى رجلا يشرق النور من وجهه النور، فقال له: السَّلَامُ عَلَيْك يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلستَ تَدْرِي مَنْ أَنَا، أَنَا مُحَمَّدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا حَبِيبَك فِي الدنيا وشفيعك في الْآخِرَةِ جَزَاك اللَّهُ عَنْ أمتي خَيْرًا، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ لَقَدْ أَكْرَمَك اللَّهُ كَمَا أَكْرَمْتَ أم اليتامى، وسترك كما سترت اليتامى إن الله سبحانه وَتَعَالَى خَلَق مِلْكٌ عَلَى صُورَتِك كان ينتقل مَعَ أهل بلدتك فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَإِنْ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ  لكُلِّ حَاجٍ ثواب حجةٍ، وكتب لك أنت ثواب سبعين حَجَّةٌ، فاللهم  اجْعَلْنَا مِنْ الْمُتَسَابِقِينَ فِي الْخَيْرَاتِ المنعمين في الجنات، اللهم إجعلنا من المتصدقين الْحِسَان هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

مقالات تهمك
التنقل السريع